دار يهود محضة وكانت العداوة بين الأنصار بينهم ظاهرة بالذب عن الإسلام ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وفارق أصحابه فيها بعد العصر، ووجد قتيلًا قبل الليل، فتغلب في النفس أما ما قتله غير اليهود فيكون لوثًا يحكم فيه بقول المدعي.
وقال" مالك لا يكون اللوث المحكوم فيه بالقسامة إلا من أحد الوجهين:
أحدهما: أن يشهد به من لا تكمل به الشهادة. وهذا موافق عليه.
والثاني: وهو الذي تفرد به أن يقول المقتول قبل فراقه للدنيا. دمي عند فلان فيكون هذا لوثًا دون ما عداهما.
احتجاجًا لهذا بأن الله تعالى حكم في قصة القتيل من بني إسرائيل بمثله في البقرة من وقوله تعالى:(فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى)(البقرة: ٧٣) فضرب بها فحيا.
وقال: قتلني فلان فقتله موسى عليه السلام بهـ قال: ولأن المقتول مع فراق الدنيا أصدق ما يكون قولًا وأكثر ما يكون تحرجًا فلا تتوجه إليه تهمة، وهكذا لا يكون لوثًا عندنا؛ لأن اللوث ما اقترن بالدعوى من غير جهة المدعي كالذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتيل الأنصار، ولأنه لو قبل قوله إذا مات لقبل إذا اندمل جرحه وعاش ولو قبل في الدم للقبل في المال، ولأنه ربما قاله لعداوة في نفسه بحيث أن لا يعيش عدوه بغد موته أو لفقر قريته فأحب أن يستغنوا بالدية من بعده فأنا قصة البقرة في بني إسرائيل فتلك قصة أحيا الله بها القتيل معجزة لموسى، ولو كان مثلها لجعل لوثًا ولكنه مستحيل وأما انتفاء التهمة عنه فباطل بدعوى الحال ولأن مالكًا يورث المبتوتة في مرض الموت لتهمة الزوج فيلحق به التهمة في حال وينفيها عنه في حال، فتعارضا قولاه فبطلا.
فصل:
فإذا ثبت أن قول القتيل بلوث وأن ما كان في مثل قصة الأنصار لوث فالمعتبر في مثلها شرطان:
أحدهما: أن تكون القرية التي وجد القتيل فيها مختصة بأهلها لا يشكركم فيها غيرهم. كاختصاص اليهود بخبير، وفي حكم القرية محلة من بلد في جانب منه لا يشترك أهلها فيها غيرهم. أو حي من أحياء العرب لا يشكرهم في الحي غيرهم فأن اختلط بأهل القرية أو المحلة أو الحي غيرهم من مسافر أو مقيم لم يكن لوثًا مع أهلها.
والثاني: أن يكون بين أهل القرية وبين القتيل عداوة ظاهرة، أما في دين أو نسب أو تره تبعث على الانتقام بالقتل. فإذا لم يكن بينهم عداوة لم يكن لوثًا فإذا استكمل هذان الشرطان للانفراد عن غيرهم، وظهور العداوة بينهم صار هذا لوثًا وهو نص السنة وما عداه قياسًا عليه، والله أعلم.