قال [في] الحاوي: وهذا نوع خامس من اللوث في ازدحام جماعة على بئر ماء. أو في دخول باب، أو لالتقاط فيتفرقون عن قتيل منهم، فيكون لوثًا في الجماعة. لإحاطة العلم بأن قتله لم يخرج عنهم، سواء اتفقوا في القوة والضعف، أو اختلفوا. وهكذا ضغطهم الخوف إلى حائط ثم فارقوه عن قتيل منهم كان لوثًا معهم، فأما إذا هربوا من نار أو سبع فوجد أحدهم صريعًا نظر فإن كان طريق هربهم واسعًا فظاهر صرعته أنها من عثرته فلا يكون ذلك لوثًا.
وإن كان الطريق ضيقًا، فظاهر الصرعة أنها من صدمتهم فيكون ذلك لوثًا.
مسالة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"أو أتى ببينة متفرقة من المسلمين من نواح لم يجتمعوا فيها يثبت كل واحد منهم على الانفراد على رجل أنه قتله فتتواطأ شهادتهم ولم يسمع بعضهم شهادة بعض فإن لم يكونوا ممن لم يعدلوا".
قال في الحاوي: وهذا نوع سادس من اللوث وهو لوث بالقول، وما تقدم لوث بالفعل، وذلك: أن تأتي جماعة متفرقون من نواحي مختلفة. يزيدون عدد التواطؤ ولا يبلغون حد الاستفاضة وتقتصر أوصافهم من شروط العدالة، فيشهدون أو يخيرون ولا يسمع بعضهم بعضًا: أن فلانًا قتل فلانًا ولا يختلفون في موضع القتل ولا في صفته، فلا يخلو من أحد أمرين:
أحدهما: إما أن يكونوا ممن تقبل أخبارهم في الدين كالنساء والعبيد. فهذا يكون لوثًا صدقهم في النفس والعمل على قولهم في الشرع.
والثاني: أن يكونوا ممن لا تقبل أخبارهم في الدين كالصبيان، والكفار، والفساق. ففي كونه لوث وجهان:
أحدهما: أن يكون لوثًا لوقوع صدقهم في النفس.
والثاني: لا يكون لوثًا لأنه لا يجهل على قولهم في الشرع.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"أو يشهد عدل على رجل أنه قتله لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما أدعى وليه".
قال الحاوي: وهذا نوع سابع من اللوث. وهو وجود العدالة ونقصان العدد كما كان ما تقدمه، وجود العدد الزائد مع نقصان العدالة، وهو أن يشهد بالقتل عدل واحد فيحكم بيمين المدعي مع شهادته فإن كانت الدعوى في خطأ محض، أو عمد خطأ، فذلك موجب للمال، والمال يحكم فيه بشاهد ويمين فيحلف فيه المدعي يمينًا واحدة،