من الدعوى.
والثالث: أن يصفه بما يكون عمد الخطأ فيقسم على دعواه في الخطأ المحض دون عمد الخطأ لأن الدعوى أقل من الصفة فصار كالمبتدئ بها من زيادة الصفة.
والرابع: أن يصفه بما يكون عمدًا محضًا.
فالصفة من الدعوى في أربعة أحكام:
أحدها: استحقاق القود في العمد وسقوطه في الخطأ.
والثاني: تغليظ الدية في العمد وتخفيفها في الخطأ.
والثالث: تعجيلها في العمد وتأجيلها في الخطأ.
والرابع: استحقاقها على الجاني في العمد وعلى العاقلة في الخطأ فإن لم تكن له عاقلة تتحمل عنه دية الخطأ نظر فإن كان الجاني هو المحتمل لدية الخطأ أقسم على الدعوى دون الصفة ويحكم له بدية الخطأ دون العمد.
فإن كانت له عاقلة تتحمل عنه دية الخطأ. نظر فإن رجع عن الدعوى إلى الصفة، لم يكن له أن يقسم على الدعوى ولا على الصفة، لأن المطالبة في الدعوى متوجهة إلى العاقلة وفي الصفة متوجهة إلى الجاني فصار في الدعوى أبرأ للجاني وفي صفة أبرأ للعاقلة فلم يكن له أن يقسم على واحد منهما وإن لم يرجع عن الدعوى إلى الصفة أقسم على الدعوى دون الصفة وحكم له بدية الخطأ دون العمد.
فصل:
وإذ قد مضى صفة العمد بما يكون عمدًا فالحالة الثانية أن يصفه بما لا يكون عمدًا، وله في صفة العمد بما ليس يعمد ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يصفه بما لا يكون عمدًا ولا خطأ من القتل الذي لا يضمن بقود ولا دية: كمن دخل دار رجل فتعثر بحجر، أو سقط في بئر أو سقط عليه جدار فالصفة قد برأت من الدعوى وسقطت القسامة فيها وبرأ المدعي عليه منها.
والثانية: أن يصفه بعمد الخطأ كرجل ضرب رجلًا بعصا يجوز أن تقتل ويجوز أن لا تقتل فهو عمد الخطأ لأنه عامد في الفعل خاطئ في النفس.
فله أن يقسم على الصفة دون الدعوى، ويحكم له بعمد الخطأ دون العمد المحض ولا يكون ما في الصفة من مخالفة الدعوى مانعًا من القسامة، لأن الاختلاف بين الدعوى والصفة لاشتباه الحكم دون الفعل.
والثالثة: أن يصفه بالخطأ المحض فقد بطل حكم الدعوى بالصفة وسقطت القسامة في العمد، واختلف في سقوطها في الخطأ فنقل المزني أنه لا يقسم ونقل الربيع أن يقسم، فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين النقلين على وجهين:
أحدهما: وهو طريقة البغداديين أن اختلافهما محمول على اختلاف قولين: