للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن اللوث قد بطل، سقطت القسامة وانتقلت الأيمان إلى المدعي عليه وفي قدر ما يحلف به قولان كالدعوى في غير لوث، فإذا حلف برئ وإن نكل ردت اليمين على المدعي، فإذا حلف فلا قود له، وإن كان القتل عمدًا فله نصف الدية، في تكذيب أخيه أبرأ منه، ولو ادعى المكذب قتله على آخر، منع من القسامة لأن التكذيب إذا أبطل اللوث في حق أحدهما أبطله في حقهما.

فصل:

ويتفرق على ما قدمناه من حكم التكذيب: أن يدعي أحد الابنين مع اللوث قتله على واحد بعينه، ويدعي الآخر قتله عليه وعلي آخر معه فيكون الأخ الثاني مكذبًا للأخ الأول في نصف دعواه على القاتل الثاني ويصير الأخ الأول مكذبًا للأخ الثاني في جميع دعواه على القاتل الأول وعلى القاتل الثاني فإن قيل: إن اللوث لا يبطل بالتكذيب أقسم الأخ الأول على القاتل الأول دون الثاني واستحق عليه نصف الدية، وأقسم الأخ الثاني على القاتل الأول وعلى القاتل الثاني واستحق على كل واحد منهما ربع الدية. وإن قيل: إن اللوث يبطل بالتكاذب، أقسم الأخ الأول على القاتل الأول، وأخذ منه ربع الدية؛ لأنه مكذب في نصف الدعوى ومصدق في نصفها وأقسم الأخ الثاني على القاتل الأول وأخذ منه ربع الدية، ولم يكن لهذا الأخ الثاني أن يقسم على القاتل الثاني؛ لأنه مكذب في جميع الدعوى عليه، وما بطلت فيه القسامة ردت فيه اليمين على المدعي عليه، والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولكن لو قال أحدهما قتل أبي عبد الله بن خالد ورجل لا أعرفه وقال الآخر قتل أبي زيد بن عامرٍ ورجلٌ لا أعرفه فهذا خلافٌ لما مضى لأنه قد يجوز أن يكون الذي جهله أحدهما هو الذي عرفه الآخر فلا يسقط حق واحدٍ منهما في القسامة".

قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا اتفق الأخوان في دعوى القتل على اثنين، فقال: أحدهما قتله عبد الله بن خالد ورجل آخر لا أعرفه، وقال الآخر قتله زيد بن عامر ورجل آخر لا أعرفه، فليس في هذه الدعوى تكاذب، ولا يبطل اللوث بهذا الاختلاف ولا يمنع من القسامة، لأن من عرف عبد الله بن خالد، قد يجوز أن لا يعرف زيد بن عامر ولا من عرف زيد بن عامر قد يجوز أن لا يعرف عبد الله بن خالد فلم يكن في جهل كل واحد منهما بمن عرفه الآخر تكذيب للآخر، فيجوز أن يقسم كل واحد منهما على من عرفه، ويأخذ منه ربع الدية، لأن ما على كل واحد من القاتلين مستحق للأخوين، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>