للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين كتبا في الذاكرين والذاكرات".

وقال الربيع رحمه الله: "كان الشافعي رضي الله عنه دهره ينظر في العلم الثلث الأول ويصلي الثلث الثاني وينام الثلث الثالث. وقال المعتمر بن سليمان لبعض أهله: لولا أنك من أهلي ما حدثتك أنا منذ اثنين وأربعين سنة أقوم يوماً وأفطر يوماً، وأصلي الصبح على طهر العشاء". وكان للحسن بن صالح بن حي ثلاثة أخوة يجزؤوا الليل أرباعاً، فكان كل واحد يقوم ربع الليل فمات واحد منهم فجزؤوه ثلاثة أجزاء، ثم مات آخر فجزؤوه نصفين، [٢٠٠ أ / ٢] ثم مات الثالث، وبقي الحسن، فكان يقوم الليل كله.

وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى دار عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فرأى امرأته متبذلة في ثياب مهنةٍ، فقال لها ما لك لا تتزينين لعبد الله؟ فقالت: إن عبد الله لا حاجة له في إنه يقوم الليل كله ولا ينام ويصوم دائماً ولا يفطر. قال عبد الله: فلما أتيت داري صادفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فألقيت له وسادة فوضعها بيني وبينه ولم يجلس عليها، ثم قال: "ألم أخبر أنك تقوم ولا تنام وتصوم ولا تفطر؟ "، فقلت: إني أفعل ذلك، فقال: "لا تفعل فإنك إذا فعلت ذلك عجمت عيناك ونقهت نفسك إن لنفسك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً وأن لزوجك عليك حقاً، قم ونم وصم وافطر". ثم قال: "صم ثلاثة أيام من كل شهر". قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: "صم عشرة أيام"، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صم يوماً وأفطر يوماً". قلت: إني أقوى من ذلك. قال: "لا تفعل فإنه أفضل الصيام وهو صوم أخي داود عليه السلام"، ثم قال: "اختم القرآن في الشهر مرة". قلت: إني أقوى من ذلك. قال: "في كل عشرة أيام"، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: "في كل ثلاثة أيام"، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: "لا". فكان عبد الله بعدما كف بصره وكبر يبكي ويقول: ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان أعرف بنفسي مني". ومن ههنا قال بعض أصحابنا: يكره أن يقوم الليل كله.

مسألة: قال: "قلت للشافعي: أيجوز أن يوتر بواحدةٍ؟ ".

الفصل

وهذا كما قال: قد ذكرنا أن الوتر سنة مؤكدة غير واجبةٍ خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله وحده. وقد روى عاصم بن حمزة عن علي رضي الله عنه، قال: "ليس الوتر محتم كهيئة الصلاة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".

<<  <  ج: ص:  >  >>