والثاني: أنهما ملكان من ملوك الأرض قاله من قرأ بالكسر في ما هاهنا وجهان:
أحدهما: أنها بمعنى الذي، وتقديره الذي أنزل على الملكين.
والثاني: أنهما بمعنى النفي، وتقديره ولم ينزل على الملكين، ببابل وفيه وجهان:
أحدهما: أنها أرض الكوفة وسوادها سميت بذلك حين تبلبلت الألسن بها.
والثاني: أنها من نصيبين إلي رأي العين، وهاروت وماروت فيهما وجهان:
أحدهما: أنهما اسمان للملكين.
والثاني: أنهما اسمان لشخصين غير الملكين وفيهما وجهان:
أحدهما: أنهما من الملائكة اسم أحدهما هاروت، والآخر ماروت. قاله من زعم أن الملكين المذكورين من قبلهما من ملوك الأرض.
والثاني: أنهما من ناس الأرض، اسم أحدهما هاروت والآخر ماروت من أهل الجبل، قاله من زعم أن الملكين المذكورين هما من ملائكة السماء، فإن قيل إنهما من الملائكة، ففي سبب هبوطهما وجهان:
أحدهما: اختيار الملائكة لأنهم عجبوا من عصاة الأرض فأهبط منهم هاروت وماروت في صورة الإنس فأقدما على المعاصي وتعليم النصيحة وهذا يستبعد في الملائكة المعصومين من المعاصي لكن قاله كثر من المفسدين فذكرته.
والثاني: أن الله تعالى أهبطهما لينهيا الناس عن السحر، وإن قيل: إنهما من ناس الأرض ففيهما وجهان-أنهما كانا مؤمنين، وقيل كانا نبيين من أنبياء الله تعالى ولذلك نهيا عن الكفر.
والثاني: أنهما كانا كافرين ولذلك علما السحر، ثم قال: {ومَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٠٢] فيه وجهان:
أحدهما: أنه على وجه النفي.
وتقديره: لا يعلمان أحد السحر فيقولان-إنما نحن فتنة فعلى هذا يكون راجعًا إلي من انتفت عنه المعصية من الملكين أو من هاروت وماروت.
والثاني: أنه إثبات لتعليم السحر على شرط أن يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فعلى هذا فيه وجهان:
أحدهما: أنه راجع إلي من أضيفت إليه المعصية من الملكين ومن هاروت وماروت ويكون تأويل قوله على هذا الوجه {إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٠٢] أي شيء عجيب مستظرف الحسن كما يقال للمرأة الحسناء فتنة وهذا تأويل قوله فلا تكفر بما جئناك به وتطرحه بل صدق به وأعمل عليه.
والثاني: أنه راجع إلي من انتفت منه المعصية من الملكين أو من هاروت وماروت فعلى هذا هل لملائكة الله وأوليائه تعليم الناس السحر أم لا؟ فيه وجهان: