للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل نقلهم عن الحكم المتقدم فيهم أم لا؟ على وجهين:

أحدهما: وهو قول أكثرهم، أنهم على استدامة حكم الرسول فيهم من القطع بعدالتهم في الظاهر والباطن. ولا يكشف عن سرائرهم في رواية خبر ولا في ثبوت شهادة، استدامة لحكم الصحبة فيهم، ومن فسق أحدهم كان بتفسيقه فاسقًا، لأنهم في التنازع متأولون.

والثاني: أنهم صاروا بعد التنازع كغيرهم من أهل الأعصار عدولًا في الظاهر دون الباطن، وزال عنهم القطع بعدالتهم في الظاهر والباطن، فلا تقبل شهادة أحدهم إلا بعد الكشف عن عدالة باطنه.

ومن فسق أحدهم لم يفسق بتفسيقه، وكان على عدالته في قبول شهادته، لأنهم انتقلوا بالتنازع عن الألفة إلى التقاطع، وقد قال {صلى الله عليه وسلم}: "لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانًا". وقد أحدث التنازع فيهم ما نهاهم عنه.

الثاني: أن لا تفضي به المخالفة إلى القدح في الصحابة في قبول الشهادة، فهو على ضربين:

أحدهما: أن تفضي به المخالفة إلى البغي على إمامه بمشاقته وخلع طاعته بشبهة تأول بها فساد إمامته، فله حالتان:

إحداهما: أن يكف عن القتال، فيكون على عدالته وقبول شهادته.

والثانية: أن يقاتل أهل العدل، فله في قتاله حالتان:

إحداهما: أن يبتدئ بقتال أهل العدل، فيفسق بما ابتدأه من قتالهم، فترد شهادته لتعديه بالقتال مع خطئه في الاعتقاد.

والثانية: أن يبدأ أهل العدل بالقتال، فيدفع عن نفسه قتالهم، فله في قتاله حالتان:

إحداهما: أن يدعى إلى الطاعة ليكف عنه، فيمتنع منها، فيفسق بقتاله، لأنه قد كان يجد منه بدا بإظهار الطاعة.

الثانية: أن يبدأ بالقتال من غير استدعاء إلى الطاعة، فلا يفسق بقتاله لأنه دافع بها عن نفسه، فتقبل شهادته، وقد أمضى علي بن أبي طالب، عليه السلام عنه أحكام من بغى عليه في قتال الجمل وصفين.

والثاني: أن لا تفضي به المخالفة إلى البغي في مشاقة أهل العدل في قبول الشهادة فهو على ضربين:

أحدهما: أن تفضي به المخالفة إلى منابذة مخالفيه بالتحزب والتعصب في قبول الشهادة، فله حالتان: إحداهما: أن يبدأ بها ليستطيل على مخالفيه، فيكون ذلك فسقًا ترد به شهادته، لأنه قد جمع بين اعتقاد الخطأ وأفعال السفهاء، فيفسق بفسقه لا بمعتقده.

والثانية: أن يستدفع بها منابذة خصومه، فإن وجد إلى دفعهم بغير المنابذة سبيلًا، صار بالمنابذةً سفيها مردود الشهادة، وإن لم يجد إلى دفعهم بغيرها سبيلًا، فله حالتان:

<<  <  ج: ص:  >  >>