للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل من أباحها وحللها: بانتشارها بين الصحابة والتابعين إقرارًا عليها، وعملًا بها، فروى الخطيب مولى سليمان بن يسار قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج، فيسلم علينا ولا ينهانا.

وروى الضحاك بن مزاحم قال: رأيت الحسن بن علي، عليه السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: ادفع ذا ودع ذا.

وروى أبو راشد قال: رأيت أبا هريرة يدعو غلامًا، فيلاعبه بالشطرنج.

وروى عبد الله بن عباس: أنه كان يجيز الشطرنج ويلعب بها.

وروى عبد الله بن الزبير أنه كان يلعب بالشطرنج.

فهؤلاء خمسةً من الصحابة أقروا عليها ولعبوا بها.

وأما التابعون: فروي عن سعيد بن المسيب أنه كان يلعب بها.

وروى الشافعي عن سعيد بن جبير أنه كان يلعب بها استدبارًا. قال المزني: فقلت للشافعي: فكيف كان يلعب بها استدبارا؟ فقال: كان يوليها ظهره ويقول للغلام: بماذا دفع؟ فيقول: بكذا. فيقول: ائت بكذا.

وروى الزهري عن علي بن الحسين أنه كان يلاعب أهله بالشطرنج.

وروى أبو لؤلؤة قال: رأيت الشعبي يلعب بالشطرنج مع الغرماء.

وروى راشد بن كريب قال: رأيت عكرمة مولى ابن عباس أقيم قائما في لعب الشطرنج. وروي أن محمد بن سيرين كان يلعب بالشطرنج وقال: هي لب الرجال.

وإذا اشتهر هذا عمن ذكرنا من الصحابة والتابعين وقد عمل به معهم من لا يحصى عددهم من علماء الأمصار وفضلائهم، من حذفنا ذكرهم إيجازًا، خرج من حكم الحظر، وكان بالإجماع أشبه.

وليس إنكار علي، عليه السلام لها لأجل حظرها. وقيل: لأنهم سمعوا الأذان وهم متشاغلون عنها. وقيل: لأنهم كانوا يستخفون في الكلام عليها.

وما رواه الحسن مرسل وليس بصحيح، ولا يمنع أن يكون قياسًا على ما استثناه الرسول من اللعب: لأن فيها تنبيهًا على مكائد الحرب ووجوه الحزم وتدبير الجيوش. وما بعث على هذا، إن لم يكن ندبًا مستحبًا فأحرى أن لا يكون حظرًا محرمًا.

فصل:

وأما عن عدالة اللاعب بها الشطرنج، فعند مالك وأبي حنيفة أن عدالته ساقطة وشهادته مردودة على أي وجه لعب بها.

وإن اختلفا في موجب ردها، فردها مالك لحظرها، وردها أبو حنيفة لتغليظ كراهتها وعند الشافعي أن عدالته وجرحه معتبر بصفة لعبه بها، فإن خرج بها إلى خلاعة أهلها أو قامر عليها أو تشاغل عن الصلاة بها خرج عن العدالة بما فعله من أحد هذه الثلاثةً، فردت

<<  <  ج: ص:  >  >>