فإن اقترن به بعوض كان حرامًا، وإن تجرد عن العوض كان سفهًا.
وأما قول الشافعي: واللاعب بالشطرنج والحمام أخف حالًا.
ولم يذكر ما صار به أخف حالًا منه. فقد ذكره الشافعي في الأم، وحذفه المزني اختصارًا. فقال: أخف حالًا من الاختلاف في فروع الدين.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ومن شرب عصير العنب الذي عتق حتى سكر، وهو يعرفها خمرًا، ردت شهادته، لأن تحريمها نص ".
قال في الحاوي: وأما الخمر مما يتخذ، فهو عصير العنب إذا أسكر ولم تمسه نار، ولم يخالطه ماء، ولا يكون خمرًا إن مسته نار أو خالطه ماء.
وشربه محرم بنص القرآن، وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة:].
فدلت الآية على تحريمه من وجهين:
أحدهما: قوله رجس من عمل الشيطان والرجس المضاف إلى الشيطان يكون رجسًا بإضافته إلى الشيطان تغليظًا.
وفي "الرجس" معناه أربعة تأويلات:
أحدها: سخط. والثاني: شر. والثالث: إثم. والرابع: حرام.
وقوله من {مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أي: مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به.
والثاني: قوله {فَاجْتَنِبُوهُ}، وما ورد الأمر باجتنابه حرم الإقدام عليه وفيما أراد بقوله "فاجتنبوه " تأويلان محتملان:
أحدهما: الرجس أن تفعلوه.
والثاني: الشيطان أن تطيعوه.
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف:]. فيه تأويلان
أحدهما: أنها الزنى خاصةً، وما ظهر منها المناكح الفاسدةً، وما بطن السفاح الصريح.
والثاني: أن "الفواحش" جميع المعاصي، ما ظهر منها "أفعال الجوارح وما بطن" اعتقاد القلوب.
وفي الإثم والبغي معناهما تأويلان:
أحدهما: أن " الإثم " الخيانة في الأمور، والبغي التعدي على النفوس.