للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مشايخ خراسان: هذا عندنا سنة أن يقول في هذه الحالة في أذانه بعد حي على الفلاح.

وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ابتلت النعال، فالصلاة في الرحال". وأراد به النعال المعهودة في اللباس، وقيل: كنى بها عن الأرجل والأقدام. وقيل: أراد بالنعال الحجارة الصغار تكون في الطرق تسمى نعالاً.

وأما الآية التي ذكروا، قلنا: أراد بالداعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه قال: {وَآمِنُوا بِهِ} [الأحقاف: ٣١] والإيمان بالمؤذن لا يجب.

وأما الخبر الأول، قلنا: أراد: لا صلاة له كاملة، أو أراد: لا صلاة لجار المسجد بصلاة الإمام مقتدياً به إلا في المسجد، وأما سائر الأخبار نحملها على أنها فرض على الكفاية.

وأما خبر ابن أم مكتوم: نحمله على الجمعة، وأما الخبر الأخير ورد في شأن المنافقين الذين لا يصلون في بيوتهم، ولا يرون الجماعة أصلاً، وهكذا الجواب إن احتجوا بما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى، وأن الله تعالى شرع لنبيه - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، ولقد رأيتنا وأن الرجل ليهادى بين رجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم".

وقوله: "ليهادى بين رجلين"، أي: يرفد من جانبيه، ويؤخذ بعضديه يتمنى به إلى المسجد. [٢٠٥ أ / ٢]

وقوله: "كفرتم"، أي: يؤديكم إلى الكفر بأن تتركوا شيئاً شيئاً منها حتى تخرجوا من الملة، فإن قاسوا على صلاة الجمعة، قلنا: أصلها أربع ركعات، وردت إلى ثنتي بشرائط منها: الجماعة بخلاف هذا. ثم لو كانت الجماعة شرطاً ههنا لبطلت بتركها كما نقول في الجمعة، فإذا قلنا: إنها فرض على الكفاية فمتى قام بها قوم سقط الفرض عن الباقين، وإلا خرجوا أجمعون. ولو اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام على إقامتها حتى يقيموها، والحد الذي يسقط الفرض به عن الباقين أن يظهر إقامتها ويعرف فعلها، وذلك أن يعلم الناس إقامتها مشاهدة أو سماعاً، فإن كان المكان قرية صغيرة، فأقيمت في مسجدها فقد ظهرت في كلها، وإن كان بلداً كبيراً، فكل محلةٍ منه مثل هذه القرية يحتاج أن تظهر في كل مسجد في كل مسجدٍ محلةٍ، فإذا أقامها أهل محلة لم يسقط فوضها عن أهل محلة أخرى، ولو اتفقوا على أن يصلي كل واحد جماعة في بيته، ولا يخرج إلى المساجد. قال أبو إسحق: لم يسقط ما ذكرنا من الفرض عنهم. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>