للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الحاوي: اختلفت الرواية في صورة الشهادة، فرواها بعض أصحابنا أنهما شهدا أنه سرق منه كيسًا، إشارة إلى كيس الدراهم والدنانير.

ورواها أكثرهم أنهما شهدا أنه سرق منه كبشًا، إشارة إلى كبش الغنم. وهذه الرواية أصح لأمرين:

أحدهما: أن كيس الدراهم والدنانير شهادة بمجهول، وكبش الغنم شهادة بمعلوم.

والثاني: أن الشافعي قال في الأم: ولو قال أحدهما: إنه أقرن، وقال الآخر أنه أجم، وقال أحدهما إنه كبش، وقال الآخرة نعجة وهذا من أوصاف الغنم.

فإذا شهد الشاهدان بسرقة الكبش، فقال أحدهما: سرقة غدوة، وقال الآخر: سرقه عشية، أو قال أحدهما: هو أبيض، وقال الآخر: هو أسود، لم تتفق شهادتهما على سرقة واحدة، لأن السرقة غدوة غير السرقة عشية، والمسروق الأبيض غير المسروق الأسود.

وحكي عن أبي حنيفة: أن الشهادة بالبياض والسواد غير مختلفة، لأنه يجوز أن يكون أحد جانبي الكبش أبيض وجانبه الآخر أسود، فيرى كل واحد منهما ما إلى جانبه فيصفه به. وهذا ليس بصحيح لأمرين:

أحدهما: أن كل واحد منهما يشهد بصفة جميعه، وهذا التأويل ينافيها.

والثاني: أنه تأويل شهادة محتملة بما بعد تأويلها، والشهادة لا يحكم بها إلا مع انتفاء التأويل عنها.

فثبت أن شهادتهما غير متفقة على سرقة واحدة، فلم تكمل بهما بينة توجب غرمًا ولا قطعًا.

فصل:

فإذا تقرر ما وصفنا من اختلاف هذه الشهادة، فاختلافهما على أربعة أقسام:

أحدهما: أن تكمل كل واحدة من الشهادتين مع عدم التعارض فيهما، وهو على ضربين:

أحدهما: أن تكمل كل واحدة من الشهادتين مع عدم التعارض فيهما، وهو على ضربين:

أحدهما: أن يختلف المسروق مع الإطلاق.

والثاني: أن يختلف الزمان مع الاتفاق.

فأما اختلاف المسروق مع إطلاق، فهو أن يشهد شاهدان أنه سرق منه كبشًا أبيض، ويشهد شاهدان آخران أنه سرق منه كبشًا أسود، فيحكم له بالشهادتين أنه سرق منه كبشين أحدهما أبيض بالشهادة الأولى، والثاني أسود بشهادة الآخرين، وليس فيهما تعارض.

وأما اختلاف الزمان مع الاتفاق، وهو أن يشهد شاهدان آخران أنه سرق منه في آخر النهار كبشًا أبيض، فيحكم له بالشهادتين أنه سرق منه كبشين أبيضين، لأن السرقة في

<<  <  ج: ص:  >  >>