للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكوفة، فإن كان قتل عمدًا فالشهادة مطروحة، وإن كان قتل خطأ ففي تعارضهما وجهان.

أحدهما: يتعارضان ويسقطان.

والثاني: يخلف مع أيهما شاء.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو شهد اثنان أنه سرق ثوب كذا وقيمته ربع دينار وشهد آخران أنه سرق ذلك الثوب بعينه وأن قيمته أقل من ربع دينار فلا قطع وهذا من أقوى ما تدرأ به الحدود وتأخذه بأقل القيمتين في الغرم".

قال في الحاوي: وهاتان بينتان اتفقنا على سرقة ثوب بعينه واختلفتا في قيمته، فشهد اثنان أن قيمته ربع دينار تقطع فيه اليد، ويشهد اثنان أن قيمته سدس دينار لا تقطع فيه اليد، فلا تعارض في الشهادتين وإن اختلفت فيه البينتان، ولاختلافهما وجه محتمل لا يوجب ردهما به. فاختلف الفقهاء في اختلافهما، هل يوجب العمل بأكثرهما أو بأقلهما في الغرم والقطع؟ مذهب الشافعي أنه يؤخذ بأقلهما في الغرم وسقوط القطع، استعمالًا للبينة الشاهدة أن قيمته سدسي دينار، فيسقط عنه القطع ولا يغرم الزيادة على السدسي.

وقال أبو حنيفة: آخذ بالبينة الزائدة في الغرم ووجوب القطع.

وأحسب أن مالكًا يأخذ بالبينة الزائدة في الغرم، والناقصة في سقوط الحد. واستدل من عمل بالبينة الزائدة بأمرين:

أحدهما: أنه لما عمل في الأخبار المختلفة بالزيادة دون النقصان وجب أن يكون مثله في البنيان، لأن الشهادة خبر.

والثاني: أن النقصان داخل في الزيادة فلم ينافيها فوجب العمل بها كما لو شهد شاهدان على إقراره بألف وشهد شاهدان على إقراره بألفين دون الألف بألف لدخول الألف في الألفين، ودليلنا شيئان:

أحدهما: أن النقصان متفق عليه، والزيادة مختلف فيها، لأن من قومه بالربع أثبتهما ومن قومه بالسدس نفاها، فكان العمل بالزيادة في الأخبار لأن من روى الناقص لم ينف الزيادة.

لأن بلالًا لما روى أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل البيت.

وروى أسامة أنه دخل البيت وصلي عمل بالزيادة في صلاته وبعد دخوله لأن بلالًا لم يقل دخل البيت ولم يصل، فكذلك في الشهادة بالنقصان دون الزيادة، وعمل في الأخبار بالزيادة دون النقصان.

والثاني: أن النقصان يقين، والزيادة شك: وقد أثبتت في إحدى الشهادتين وبقيت

<<  <  ج: ص:  >  >>