والسادسة: أن يختلفوا، فيقول اثنان منهم: عمدنا وأخطأ هذان الآخران، ويقول الآخران: بل عمدنا وأخطأ هذان الأولان: ففي وجوب القود عليهم قولان:
أحدهما: عليهم القود جميعا، لأن كل واحد منهم قد اعترف بالقتل بالعمد في حقه، وأضاف الخطأ إلي من قد اعترف بعمده، فصاروا كالمعترفين جميعا بالعمد.
والثاني: وهو أصح، لا قود علي واحد منهم، لأن كل واحد منهم مقر بمشاركته للخاطئ، فلم يلزمه إقرار الخاطئ بعمده، ولأن أحدا لا يؤخذ بإقرار غيره، ويكون علي كل واحد منهم قسطه من دية العمد مغلظة حالة.
والسابعة: أن يقول اثنان منهم: عمدنا كلنا، ويقول الآخران: عمدنا وأخطأ الأولان، فعلي المقر بعمد جميعهم القود، وفيما علي المقر بعمده وخطأ وغيره قولان:
أحدهما: القود.
والثاني: قسطه من دية العمد مغلظة حالة.
والثامنة: أن يقول أحدهم: عمدت وما أدري ما فعل أصحابي سألنا أصحابه، فإن قالوا: عمدنا. وجب القود علي الكل، وإن قالوا: أخطأنا، سقوط القود عن الكل.
فهذا حكمهم إذا رجعوا جميعا.
والقسم الثالث: أن يقيم بعضهم عن شهادته، ويرجع بعضهم عن شهادته فهذا علي ضربين:
أحدهما: أن لا يزيد الشهود علي عدد البينة. كاثنين شهدا علي رجل بالقتل فقتل، ثم رجع أحدهما أو أربعة شهدوا علي رجل بالزنا فرجم ثم رجع أحدهما، فلا ضمان علي المقيم علي شهادته، والراجع عنها ضامن يسأل عن حاله، فإن قال: أخطأت ضمن قسطه من الدية، فإن كان واحدا من اثنين في قتل ضمن نصف الدية.
وإن كان واحدا من أربعة في الزني ضمن ربع الدية.
وإن قال: عمدت، سئل عن من لم يرجع من شركائه في الشهادة، فإن قال الخطأ فعليه قسطه من الدية، وإن قال: عمدوا فعليه القود.
والثاني: أن يزيد الشهود علي عدد البينة، كثلاثة شهدوا علي رجل بالقتل فقتل، أو خمسة شهدوا علي رجل بالزني فرجم، فهذا علي ضربين:
أحدهما: أن يرجع من زاد علي عدد البينة، لرجوع الثالث في الشهادة القتل. والخامس في شهادة الزنا، فلا قود عليه لوجوب القتل، والرجم بشهادة الباقين، ولا يجوز أن يستحق القود في قتل قد وجب، وأما الدية ففيها وجهان:
أحدهما: لا شيء عليه منها تعليلا بهذا المعني.
والثاني: عليه فسقط من الدية، لأنه مقر بعد، وأن يوجب الضمان، فإن كان واحدًا