من جميعهم أو بعضهم.
فإن رجعوا جميعاً وكانوا شاهدين كان على كل واحد منهما نصف الدين، وإن كانوا شاهداً وامرأتين، كان على الرجع نصف الدين، لأنه نصف البينة، وكان على كل واحدة من المرأتين ربع الدين لأنها ربع البينة.
ولو كان المشهود ثلاثة رجال، كان على كل واحدٍ منهم ثلث الدين، لأنه ثلث البينة ولو كانوا عشرة كل على كل واحد منهم عشر الدين، لأنه عشر البينة.
ولو كانوا رجلاً وعشر نسوة، كان على الرجل سدس الدين وعلى كل واحدة من النسوة نصف السدس الدين، وبه قال أبو حنيفة.
وقال أبو يوسف ومحمد: على الرجل نصف الدين، لأنه نصف البينة وعلى كل واحدة من النساء نصف عشر، لأنها نصف عشر البينة وبه قال أبو العباس بن سريج.
وهذا خطأ، لأن كل امرأتين تقومان مقام الرجل، فصار النساء العشر كخمسة رجال، فإذا اقترن بهم رجل صاروا معه كستة رجال، يلزم كل واحد منهم سدس الدين، فاقتضى أن يلزم الرجل السدس الدين ويلزم كل امرأتين بسدسه، فتختص كل واحد بنصفه.
وإن رجع بعض الشهود دون جميعهم، فعلى ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن لا يزيدوا على عدد البينة، ويكونوا رجلين فيرجع أحدهما، فعليه نصف الدين، لأنه نصف البينة، وإن كانوا رجلاً وامرأتين ولو رجعت واحدة من المرأتين، فعليها ربع الدين، لأنها ربع البينة.
والثاني: أن لا يزيدوا على عدد البينة، ويرجع من زاد عليها كأربعة رجال يرجع منهم اثنان، ففي الرجوع على الراجعين وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج: لا رجوع عليهما لكمال البينة بغيرهما.
والثاني: وهو قول المزني حكاه عنه أصحابه: يرجع عليهما، لأن الحق لم يتعين بشهادة غيرهما فلزمهما نصف الدين، لأنهما نصف البينة. فلو شهدت مع الأربعة امرأة واحدة ثم رجعت المرأة من الرجلين فلا شيء على المرأة لأنها إذا انفردت لم يدخل في جملة البينة.
والثالث: أن يزيدوا على عدد البينة ويرجع الزائد على البينة وبعض البينة كالثلاثة إذا رجع منهم اثنان وجب الرجوع عليهما وفي قدره وجهان:
أحدهما: يرجع عليهما بنصف الدين، لأنه قد بقي نصف البينة وهذا على الوجه الذي يسقط الرجوع عليهم إذا بقي بعدهم عدد البينة، وهو قول أبي عباس بن سريج.
والثاني: أن يرجع عليهما بثلثي الدين، لأنهما ثلثا البينة، وهذا على الوجه الذي يوجب الرجوع عليهم إذا بقي بعدهم عدد البينة، وهو قول أبي إبراهيم المزني.