للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت الشهادة بنقضه في طلاق فرق بين الزوجين، وقع ما أوقعه من الطلاق وجمع بين الزوجين بعد يمين الزوج المنكر.

وإن كانت الشهادة في عتق أنفذ بها حرية العبد، حكم برقة وبقائه على ملك سيده ويملك اكتتابه بعد يمين السيد في إنكار عتقه. وإن كانت الشهادة على نقل ملك من دار أو عقار، حكم بإعادته على المشهود عليه مع أجرة مثله بعد يمينه على إنكاره، فإن طلب إعادة الدار إلي يده ليحلف بعد ردها عليه، وجب على الحاكم أن يرفع عنها يد المشهود له، لبطلان بينته ولا يأمر بردها على المشهود عليه، لأن أمره بالرد حكم له بالاستحقاق ولا يمينه منهما، لأنه منعه حكم عليه بإبطال الاستحقاق، ويخلى بينه وبينهما من غير حكم بات، وهذا بخلاف الطلاق والعتق الذي لا يجوز التمكين منهما إلا بعد اليمين لما فيها من حقوق الله تعالى. وإن كانت الشهادة في دين حكم بقضائه، فإن كان ماله بعد قضائه باقيًا في يد المشهود له، فأخذ برد مثله، فإن أعسر به أقرضه الحاكم عليه من بيت المال ليكون دينًا عليه في ذمته يؤديه إذا أيسر به ويدفعه إلي المشهود عليه بدلًا من المأخوذ منه.

فصل:

فأما إذا كان الحكم مفضيًا إلي الاستهلاك والإتلاف، كالقصاص في نفس أو طرف، فهو موجب لضمان الدية دون القود، لأنه خرج عن حكم العمد إلي الخطأ والحكم به ثم الشهود والحاكم والمشهود له، فأما الشهود فلا ضمان عليهم لظهور رقهم، فلا يمنع وجود ذلك فيهم من أن يكونوا صادقين في شهادتهم، وخالف حال المشهود إذا رجعوا لاعترافهم بكذبهم، فلذلك ضمنوا بالرجوع، ولم يضمنوا بالفسق والرق، وأما المشهود له فلا ضمان عليه، لأنه يمنع الفسق شهوده من استحقاقه لما شهدوا به.

وإذا سقط الضمان عن هؤلاء، وجب الضمان على الحاكم.

وقال أبو حنيفة: إن الضمان على المزكين للشهود عند الحاكم دون الحاكم، لأنهم ألجاؤه إلي الحكم بهذه الشهادة.

وهذا فاسد، لأن المزكين شهدوا بالعدالة دون القتل، فلم يجز أن يضمنوا ما الم يشهدوا به من القتل ووجب الضمان على من حكم بالقتل، لأنه قد تعين منه في فعله.

وإذا كان كذلك وجب ضمان الدية على الحاكم، سواء تقدم بالقصاص إلي ولي الدم أو إلي غيره.

وقال أبو سعيد الإصطخري: إن تقدم به الحاكم إلي ولي الدم كان ضمان الدية على الولي، وإن تقدم به إلي غيره كان الضمان على الحاكم. وهذا خطأ من وجهين:

أحدهما: أنه عن أمره في الحالين.

والثاني: أنه لما لم يضمنه مباشرة إذا كان ولي الدم مع عدم استحقاقه، فأولى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>