والثالث: إذا أبق له عبد أو سرق له فرس أو ند له بعير يرجو تداركه في ترك الجماعة.
وقال القاضي أبو الطيب رحمه الله: ومن جملة الأعذار إذا كان قد أكل بصلاً أو كراثاً لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أكل من هذه الشجرة فلا يقربا في مسجدنا"، وهذا إذا كان لا يمكنه إزالة هذه الرائحة بغسل فمه، والتداوي، فإن أمكن ذلك لم يكن عذراً، وإن أكله مطبوخاً جاز الحضور، ولما روي أن عمر رضي الله عنه خطب الناس، فقال:"فمن كان لا بد له من أكلهما فليتمهما طبخاً".
قال القفال:"ومن تركها لواحد من هذه الأعذار وكان قصده الجماعة لولا العذر حصلت له فضيلة الجماعة". وقيل: من العذر الخاص أن يكون عله قصاص يرجو العفو ولا يحل له الخروج بأن يكون عارياً أو حافياً وتكره الجماعة هكذا، ذكره بعض مشايخ خراسان.
فرع
يستحب أن يمشي على عادته وسكونه إلى الجماعة ولا سرع، وإن خاف فوتها.
وقال أبو إسحق:[٢٠٨ أ / ٢] إذا خانك فوت التكبيرة الأولى أسرع لما روي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه اشتد إلى الصلاة، وقال:"بادرت حد الصلاة" يعني: التكبيرة الأولى، وكان الأسود بن يزيد يهرول إلى الصلاة، وهذا غلط لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا". وروي:"فاقضوا". وروى أبو أمامة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا ذالك فاجرة كأجر المعتمر وصلاة على اثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين".
وقوله: لا ينصبه، معناه: لا يتعبه إلا ذلك. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إذا توضأ أحدكم فأحن الوضوء وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد". وقوله:"لا ينهزه"، أي: لا يبعثه ولا يشخصه إلا ذلك.