فإن أقام صاحب اليد البينة صار أحق بها ببينته، ويده من بينة بغير يد.
ف إن طلب مدعيها إحلاف صاحب اليد عليها، بعد أن حكم بها للمقر له، ففي إجابته إلى إحلاف صاحب اليد قولان مبنيان على اختلاف القولين فيمن أقر بدار في يده لزيد، ثم أقر بها لعمرو، وكان زيد أحق بها من عمرو بالإقرار الأول، وهل يؤخذ المقر بغرم قيمتها لعمرو بالإقرار الثاني؟ على قولين:
أحدهما: يؤخذ بغرم قيمتها لعمرو، لأنه قد استهلكها عليه بإقراره لزيد، فعلى هذا إيجاب المدعي إلى إحلاف صاحب اليد، لأنه لو أقر له لزمه الغرم.
والثاني: لا غرم عليه، لبقاء الدار وتوجه المطالبة بها. فعلى هذا لا يحلف صاحب اليد ولا يستحق عليه بالنكول غرم.
فصل:
فإن لم يقبل من جعلت له الدار إقرار صاحب اليد وأنكرها، لم يخل حال صاحب اليد من أن يكون مقيمًا على إقراره، أو راجعا عنه.
فإن أقام على إقراره بها لمن أنكرها، ولم يقبلها طولب مدعيها ببينته، فإن أقامها، حكم له بالدار، وإن عدمها ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج: أن الحاكم ينصب لها أمينا يحفظها على مالكها، حفظ اللقطة، حتى تقوم البينة بها، إما لمدعيها، أو لغيره، فيحكم بها له، ولا تدفع، إلى المدعي بيمينه، لأن يمينه هي يمين رد بعد النكول، ولم يحكم بنكول من توجهت عليه اليمين، فإن طلب المدعي إحلاف صاحب اليد، ففي إجابته إلى إحلافه ما قدمناه من القولين.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا وجه لإيقافهما على من لا يدعيها، والواجب أن يحلف المدعي عليها، وتدفع إليه الدار بعد يمينه فإن حضر مدع لها بعد تسليمها إلى الأول بيمينه، ونازعه فيها فهل يكون منازعًا فيها لذي يد، أو لغير ذي يد؟ على وجهين:
أحدهما: يكون منازعًا لذي يد لتقدم الحكم بها له، فصارت يدا فيكون القول فيها إن أنكر قوله مع يمينه.
والثاني: يكون منازعًا لغير ذي يد، لأنها دفعت إليه بيمين من غير يد، فيحلفان عليها، وتكون بينهما كالمتداعيين لما ليس في أيديهما وإن رجع صاحب اليد عن إقراره حين رد عليه وادعاها لنفسه، أو أقر بها لغيره، ففي قبوله من ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يقبل منه، سواء ادعاها لنفسه، أو أقر بها لغيره، لأن إقراره الأول قد