النصف، وفي قبض حصة الغائب من الغريم وجهان:
أحدهما: يقبض ويوضع على يد أمين كما تقبض الأعيان من الدار، وما لا يثبت في الذمة من ثياب وحيوان.
والثاني: لا يقبض الدين، وإن وجب قبض الأعيان ويستبقى في ذمة الغريم بخلاف المعين، لأن قبضه للغائب معتبر بالأحوط، واستبقاؤه في ذمة مضمونة أولى من قبضه بتركه أمانة إلا أن يكون الدين على غير ملي، فيقبض وجهًا واحدًا.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن لم يعرف عددهم وقف ماله وتلوم به ويسأل عن البلدان التي وطنها هل له فيها ولد؟ فإذا بلغ الغاية التي لو كان له فيها ولد لعرفه وادعى الابن أن لا وارث له غيره أعطاه المال بالضمين وحكي أنه لم يقض له إلا أنه لم يجد له وارثا غيره فإذا جاء وارث غيره أخذ الضمناء بحقه".
قال في الحاوي: وقد مضى الكلام في البينة الكاملة إذا أقامها الابن الحاضر ووجوب الحكم بها للحاضر والغائب، فأما البينة الناقصة فعلى ضربين:
أحدهما: أن تشهد بالدار للميت، ولا تشهد للحاضر بالبنوة، فلا يتعلق بهذه الشهادة حق للحاضر، ولا للغائب، وتكون الدار مقرة في يدي من هي في يده، لأن دعواها لم تسمع من مستحق لها فلم يكن لبينته تأثير، حتى يقيم البينة على ثبوت نسبه.
فإذا أقامها وثبت نسبه بها، استغنى عن إعادة الدعوى والبينة، وإن كانا قبل ثبوت النسب، لأن ما قدمه من الدعوى قد تضمنت الدار والنسب على وجه صح به سماعها ولو شهدت بينته الأولى بالدار والنسب، حكم له بها كذلك، إذا شهدت الأولى بالدار، وشهدت الثانية بالنسب حكم بهما. ولو استأنف الدعوى، وأعاد البينة كان أولى.
والثاني: أن تشهد البينة بالدار للميت، وتشهد للحاضر بالبنوةً، ولا تشهد أن لا وارث له غيره، فقد قامت البينة بهما وكان مالكا لنصيب مجهول من الدار، لا يعلم قدره. وله حالتان:
إحداهما: أن يقدر على إقامة بينة بأن لا وارث له غيره.
الثانية: أن يعجز.
فإن قدر على إقامتها، وشهدت بينة عادلة، بأن لا وارث غيره نظر في البينة، فإن كانت من أهل المعرفةً الباطنةً بالميت، على قديم الوقت وحدوثه في حضره وسفره سمعت، وحكم له بالميراث، ولم يطالب بضمين، لأنه قد أقام بينةً إن لم يعمل بموجبها، أعملت.
وإن كانت من أهل المعرفة الظاهرةً دون الباطنةً لم تصح شهادتهم، بأن لا وارث غيره،