والثاني: هما مشتركان في اليد عليها، لأن قودها تصرف كالركوب فاستويا. ولو تنازعا سفينة أحدهما برباطها والآخر ممسك بخشبها كانت اليد لممسك الخشب دون ممسك الرباط لأن الخشب من السفينة والرباط ليس منها، ولو كان أحدهما راكبها والآخر ممسكها كانت اليد للراكب دون الممسك لأن الراكب تصرفاً ليس للمسك.
ولو تنازعا دابة في إسطبل أحدهما، وأكذبهما عليها فإن كان في الإسطبل دواب لغير مالكه استويا في اليد عليها، لأن التصرف في الإسطبل قد صار مشتركاً وإن لم يكن في الإسطبل دواب غير دواب صاحبه كانت اليد لصاحب الإسطبل خاصة لتفرده بالتصرف، والله أعلم
مسألة
قال الشافعي رحمه الله:" ولو كان الثوب في يدي رجل وأقام كل واحد منهما البينة أنه ثوبه باعه من الذي هو في يديه بألف درهم فإنه يقضي بين المدعيين نصفين ويقضي لكل واحد منهما عليه بنصف الثمن قال المزني رحمه الله: ينبغي أن يقضي لكل واحد منهما بجميع الثمن لأنه قد يشتريه من أحدهما ويقبضه ثم يملكه الآخر ويشتريه منه ويقبضه فيكون عليه ثمنان وقد قال أيضا: لو شهد كل واحد على إقرار المشتري أنه اشتراه أو أقر بالشراء قضى عليه بالثمنين. قال المزني سواء إذا شهدوا أنه اشترى أو أقر بالشراء"
قال في الحاوي: وهذه هي المسألة الثالثة التي يجتمع فيها مشتر وبائعان وصورتها في رجل بيده ثوب تنازعه رجلان، فقال له كل واحد منهما هذا ثوبي بعته عليك بألف درهم، وسلمته إليك ولي عليك ثمنه، وأقام كل واحد منهما بينة بما ادعاه، فلا تخلو بينتاهما من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون تاريخهما مختلفاً فتشهد بينة أحدهما أنه باعه عليه في رجب، وتشهد بينة الآخر أنه باعه عليه في شعبان، فلا تعارض في البينتين، لإمكان حملهما على الصحة، وهو أن يشتريه من أحدهما في رجب ويبيعه على الآخر ثم يعود فيشتريه منه فيصير مشترياً من كل من البائعين في وقتين بثمنين، وإذا صح ذلك لزمه الثمنان من غير تكذب ولا تعارض كما لو ادعت امرأة على زوجها أنه نكحها في يوم الخميس على صداق ألف، ثم نكحها في يوم الجمعة على صداق ألفين وأقامت عليه البينة بكل واحد من النكاح، يحكم عليه بالصداقين ولا تتعارض فيه البينتان لأنه قد يتزوجها في يوم الخميس ويحالفهما فيه بعد دخوله بها ثم يتزوجها في يوم الجمعة فيصح العقدان ويلزمه الصداقان.