للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: قال وإذا أحس الإمام برجل وهو راكع [٣٣٥ ب/٢] لم ينتظره وهذا كما قال الانتظار في الصلاة على أضرب أحدها أن يدخل الإمام في الصلاة في مسجد لم تكثر فيه الجماعة فطولها رجاء تلاحق الناس وتكاثر الجماعة فهذا مكروه لقوله: "إذا أم أحدكم فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة" والثاني أن يتخلف رجل له جاه في المكان وعادة بالصلاة في هذا المسجد كالسلطان والعالم فهذا يكره انتظاره أيضاً والثالث: أن يكون في الصلاة فأحس بداخل يقصد الجماعة نظر فإن لم يكن القاصد دخل المسجد كره له الانتظار أيضاً وإن كان قد دخل فلا يخلو إما أن يكون الإمام ركعاً أو غير راكع فإن كان ركعاً فلا يستحب له أن ينتظره ليدرك الركعة وهل يكره له الانتظار فيه قولان؟ أحدهما: يكره وهو اختيار المزني رحمه الله والثاني يباح له ذلك وهو اختيار أبي إسحاق رحمه الله وهذا ما لم يكثر الداخلون فيطول على من حضره قال أبو إسحاق وجواز الانتظار أحوط القولين وأقواهما وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور وروي ذلك عن الشعبي والنخعي [٣٣٦ أ/٢] وقال أبو إسحاق فيه قولان: أحدهما يكره له الانتظار. والثاني: يستحب وهذا هو اختيار كثير من أصحابنا لأنه انتظار ليدرك به الغير ركعة فلا يكره بل يستحب كالانتظار في صلاة الخوف وحكي صاحب الإفصاح عن بعض أصحابنا أنه قال إن لم يطل على المأمومين ولم يشق عليهم فإنه ينتظر قولاً واحداً وإن طال فهل ينتظر قولان وهذه الطريق غلط لأن تعليل الشافعي رحمه الله ولكن صلاته خالصة لله تعالى يقتضى الكراهية معلقاً قال المزني الأول عندي أولى بالصلاة وقرئ بالصواب فمن قرأ بالصلاة أراد بحق الصلاة حتى لا يطول على المتقدم ومن قرأ بالصواب أراد لا ينتظره أولى بالصواب لأن فيه تشديداً على من قصر في إتيانها واحتج المزني على أنه يكره وبه قال أبو حنيفة ومالك وداود، وأبي المنذر رحمهم الله بأن فيه تشديداً على من قصر في إتيانها فكان أولى ولأن فيه تشريكاً بين الله وبين الخلق في العبادة وقد قال الله تعالى: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠] وقال أبو حنيفة من فعل [٣٣٦ ب/٢] ذلك فقد أشرك بين العمل لله تعالى وبين المخلوقين ولم يرد به الإشراك الذي هو الكفر كما وهم بعض أصحابه وأفتى بشركه وإباحة دمه وكيف يكون شركاً به وقد استحبه كثير من الفقهاء فأما نحن لا ننسب هذا الداخل إلى التقصير ولا نظن به الأخير فلا بأس بانتظاره قليلاً ليفتتح الصلاة ويدرك الركوع ولا يمنع ذلك أن تكون صلاته خالصة لله تعالى ولأنه روي في الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إني ربما أكون في الصلاة في سورة أريد أن أتممها فلما أسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مخافة أن تفتتن أمه" فإذا جاز له - صلى الله عليه وسلم - أنه يجوز بالصلاة لحق بعض المأمومين جاز للإمام هذا الانتظار القليل لحق الداخل حتى لا تفوته الركعة ولأنه يؤمر بإعادة الجماعة لمن فاتته الجماعة ويؤمر برفع الصوت بالتكبير ليسمع من وراءه ولا يقال فيه تشريك ويستحب ذلك كذلك ههنا ولأنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى وأجلس الحسن رضي الله عنه عند قدميه فلم سجد ركب ظهره فأطال السجود فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>