فإذا أراد الحاكم الحكم بينهما، اختار من القافة أوثقهم وأغلبهم، واجتهد رأيه في تحكيم القائف، أو استخباره فإن اجتهاده إلى تحكيمه، كان ذلك استخلافا له في الحكم بينهما فيراعي في استنابته شروط التقليد، واختبر في العلم بشروط الإلحاق، فإن قضى بها، أعلمه بها.
فأما المختص منها بفطنته فقوة حسه، فهو مركوز في طبعه، ويجوز أن يقتصر على قائف واحد، لأنه حكم، فجاز من القائف الواحد، فإن جمع فيه بين قائفين احتياطًا كان أوجد، كما جمع في شقاق الزوجين بين الحكمين.
ولا ينفذ الحكم في لحوقه بواحد منهما، حتى يجتمعان عليه، فإذا ألحقه القائف الواحد إذا أفرد أو القائفان إذا جمع بينهما بأحد المتنازعين فيه، ونفاه عن الآخر لحقه، وانتفى عن الآخر، ولو ألحقه بأحدهما، ولم ينفه عن الآخر، لم يلحق به، لجواز أن يرى اشتراكهما فيه، ولو نفاه عن أحدهما ولم يلحقه بالآخر، انتفى ممن نفاه عنه، وصار الآخر منفردًا بالدعوى، فلحق به، لانفراد بالفراش، لا بالقائف.
ولو تنازع في دعواه ثلاثة فألحقه بأحدهم، ونفاه عن الآخرين، أمضى حكمه في إلحاقه ونفيه، ولو نفاه عن أحدهم، خرج من الدعوى، وصارت بين الآخرين، ولو نفاه من اثنين، خرجا من الدعوى، وصار لاحقًا بالباقي، لانفراده بالدعوى، لا بقول القائف، فإن لحق بأحدهم لألحاق القائف به، ونفيه عن غيره استقر حكمه في ثبوت نسبه، ولزم الحاكم تنفيذ حكمه، وإن نفاه القائف عن أحدهما استقر حكمه بالنفي، ولم يستقر حكمه باللحوق، حتى يحكم له بالحاكم باللحوق، بحكم الانفراد بالدعوى، فإن رجع القائف بعد حكمه بذكر الغلط فيه، لم يقبل رجوعه، لأن نفوذ الحكم بالاجتهاد يمنع من نقضه باجتهاد.
وإن رأي الحكم اجتهاده إلى استخبار القائف دون تحكيمه، أنكر القائف مخبرًا، والحاكم هو المتفرد بالحكم، وجاز لزومه أن يجمع بين قائفين، ولم يجزن أن يقتصر على واحد منهما، وإن كان خبر الواحد مقبولًا، لأن الحاكم لا يجوز أن بخير الواحد، وإنما يجوز أن يحكم بشهادة اثنين، كما لا يحكم في التقويم إلا بقبل مقومين، فإذا أراد القائفان بعد اجتهادهما، أن يذكر للحاكم، ما صح عندهما من لحوق الولد بأحدهما ففيه وجهان:
أحدهما: يكون خبرًا يؤدى بلفظ الإخبار، ولا تكون شهادة تؤدى بلفظ الشهادة لأن الشهادة تختص بفعل مشاهد وقول مسموع وليس في القافة، واحد منهما فكان خبرًا، ولم يكن شهادة فعلى هذا يجب على الحاكم، أن يسألهما عن سبب علمهما، لا يجتهد رأيه فيهما إن ذكرا اشتراكهما في الشبه، ولا يجب عليه سؤالهما إن كان مختصًا بأحدهما، دون الآخر، لأن عليه في الاشتراك أن يجتهد رأيه في الترجيح، فلزمه السؤال، وليس