وخلاف الحمد هو الذم ولكنه [٣٤٤ ب/٢] تطرف في العبادة فعبر عن الفسق المذموم بخلاف الحمد وأراد به من بلغ الغاية في ارتكاب المعاصي ولم يرد الغاية في البدعة هي الكفر، وأما المظهر للبدع في الدين بالطعن على السلف الصالح فإنه تكره الصلاة خلفه فإن صلى صحت صلاته لأن ذلك لا يخرجه عن الإسلام وقال صاحب الإفصاح: أراد الشافعي رحمه الله: إذا لم يخرج عن الإسلام ببدعته ولم يكفر السلف ولم ينقصهم ولم يعتقد حدوث كلام الله تعالى ولا نفي شيء من صفاته، وإنما خالف في الأرجاء والوعيد ونحو ذلك من البدع التي لا تخرجه من الملة فتكره الصلاة خلفه، ولكن تجوز فأما إذا اعتقد شيئاً مما ذكرنا لا تجوز الصلاة خلفه. ومن أصحابنا من قال: البدعة على ثلاثة أضرب ضرب لا يفسق به كالمخالف في الفروع من الفقهاء فلا تكره الصلاة خلف معتقده إلا أن يكون منهم من يذهب إلى ترك الأركان فتكره الصلاة خلفه لئلا يترك ركناً ويجوز لأن الظاهر منه أنه يأتي به إذ هو يستحب عنده قلت: وربما يعتقد أنه لا يستحب كالتسمية في الركعة الثانية ولكنه يأتي به للخروج [٣٤٥ أ/٢] من الخلاف، وضرب يفسق به كمن سب الصحابة من الروافض والخوارج، فتصح الصلاة خلفه ولكنه يكره، وضرب يكفر به كالقول بخلق القرآن والاعتقاد بأن علياً رضي الله عنه كان إلهاً أو كان نبياً كما قالت غلاة الرافضة فلا تجوز الصلاة خلفه. وحكي عن مالك أنه قال: لا يؤتم ببدعي ولعله أراد من يحكم بكفره وقال القفال: تجوز الصلاة خلف الخوارج والروافض ولكن يكره لأن مذهب الفقهاء أن لا يكفر أهل الأهواء بالتأويل وقيل لجعفر بن محمد رضي الله عنه: أكان الحسن، والحسين إذا صليا خلف مروان بن الحكم يعيدان الصلاة؟ فقال: لا ما كان يزيدان على الصلاة معه غير النوافل.
مسألة: قال وإن أمي أي بمن يقرأ أعاد القارئ وهذا كما قال إذا ًصلى القارئ وهو الذي يحسن أم القرآن خلف الأمي الذي لا يحسن أم القرآن ففيه قولان؛ أحدهما قاله في الجديد: أنه لا تجوز صلاة القارئ وقال في القديم: إن كانت الصلاة مما يجهر فيها بالقراءة لا يجوز لأن الإمام يتحمل القرآن في هذه الصلاة والأمي ليس هو من أهل التحمل وإن كانت الصلاة مما يسن فيها [٣٤٥ ب/٢] بالقراءة يجوز لأنه يقرأ لنفسه وبه قال الثوري وخرج أبو إسحاق رحمه الله قولاً ثالثاً فقال على هذا نحى في قوله الجديد أن يصح صلاة القارئ خلف الأمي بكل حال لأنه يلزمه أن يقرأ لنفسه في الصلاتين وبه قال المزني وأبو ثور واختاره ابن المنذر وروي ذلك عن عطاء، وقتادة ووجهه أن القراءة هي ركن من أركان الصلاة فجاز أن يكون العاجز عنه إماماً للقادر كالقائم يصلي خلف القاعد وقال القاضي الطبري هذا التخريج باطل لأن الشافعي رحمه الله رجع في الجديد كما قاله في القديم من تحمل الإمام قراءة المأموم وألزم المأموم القراءة في الصلاتين ومع هذا فقد منع جواز صلاة القارئ خلف الأمي وفي القديم اعتبر بطلان صلاته بتحمل القراءة عن المأموم فلم يجز أن يخرج على قوله الجديد طريقة رجع عن القول بها ولو جاز هذا لجاز أن يقال قوله القديم قول الشافعي في