أن للرجال آكد، فإنه يكره لهم ترك الجماعة ولا يكره للنساء ذلك، وبه قال عطاء، والأوزاعي، والثوري، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله.
وقال بعض أصحابنا: هل تكون جماعتهن في الفضل والاستحباب كجماعة الرجال؟ على وجهين: أحدهما: أنها كجماعة الرجال تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة. والثاني: وهو الأظهر أن جماعة الرجال أفضل من جماعتهن لقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة:٢٢٨] وقال أبو حنيفة ومالك: يكره لهن أن يصلين جماعة وروي ذلك عن نافع، وعمر بن عبد العزيز. واحتجوا بأنه يكره لهن الأذان كذلك الجماعة.
وقال الطحاوي: عند أبي حنيفة: الأفضل أن يصلين فرادى لا الكراهة. وهذا غلط لما روت أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ليس على النساء الجمعة ولا الاغتسال [٩ ب/٣] للجمعة ولا تتقدم إمامتهن ولكن تقدم وسطهن"، وروي أن عائشة -رضي الله عنها- صلت بنسوة العصر فقامت وسطهن، وعن أم سلمة -رضي الله عنها- مثله وعن علي بن الحسين الملقب بزين العابدين -رضي الله عنه- أنه كان يأمر جارية تقوم بأهله في رمضان.
وقال صفوان بن سليم: من السنة أن تصلي المرأة بنساء تقوم إذا صلت المرأة بنسوة وسطهن، وأراد بالسنة الخبر الذي ذكرنا أولاً.
وأما الأذان فإنه يراد للإعلام، ويسن فيه رفع الصوت، ويكره لها رفع الصوت لأجل الستر بخلاف هذا، وقال الشعبي والنخعي: يكره له الإمامة في الفرض دون النفل وما ذكرنا من خبر عائشة -رضي الله عنها- دليل عليهما، فإذا تقرر هذا فالسنة أن يقف الإمام وسطهن، فإن تقدمت جازت الصلاة لأنه خطأ في الموقف، وإن كثر النساء فصفوفهن كصفوف الرجال، ويستحب أن تكون إمامتهن حرة وهي أولى من الأمة، لأن الإمامة موضع فضيلة، والحرة أكمل، فإن أمت أمة غير متقنعة متشبهة بالحرائر جاز، لأن هذا فرضها وهذا فرضهن نص عليه.
فرع
صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد [١٠ أ/٣] والأصل في هذا ما روى ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن المرأة عورة وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان فأقرب ما تكون في وجه الله تعالى وهي في قعر بيتها".
وروى ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها". يعني صحن دارها. وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها"،