للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة النذر وجهان:

أحدهما: يجوز كما يجوز نذر سجود لو لم ينذره كان تطوعاً.

والثاني: لا يجوز لأن من حق سجود السهو أن يصح فعله قبل السلام؛ وقد أجمع أصحابنا على أن السجود المنذور لا يجوز فعله قبل السلام، فإذا كان كذلك وجب امتناع هذا النذر.

فَرْعٌ آخرُ

قال: هل يؤذن المؤذن للعشاء ويصلي العشاء في وقت واحد في الشتاء والصيف أم يختلف [٢٣ أ/٣] الأمر فيه؟ الأصل في هذا أن العبرة بغروب الشفق وهو الحمرة، إلا أن غروبه في الليل الطويل أبعد، وفي الليل القصير أقرب، فينبغي إذا كان لا يشاهد الشفق وأراد الاجتهاد في غروبه أن يراعي هذا المعنى، وهذا كما أن طلوع الشمس وزوالها يختلفان بقصر النهار وطوله في القرب والبعد، وهذا ظاهر.

فَرْعٌ آخرُ

قال: إذا فاتته صلاة الظهر وأراد قضاءها في وقت العصر، فنوى أنه يصلي صلاة ظهر يومه فريضة، أو لم ينو الفائتة، يحتمل أن يقال: لا يجوز لأن ظهر اليوم قد يكون أداء، وقد يكون قضاء في الجملة، فلا بد من نية الفائتة للتمييز، ويحتمل أن يقال: يجوز لأن ظهر اليوم بالإضافة إلى هذا الزمان لا يكون إلا فائتة فوجب التمييز، وهكذا لو نوى في صلاة الصبح أنه يصلي صلاة فريضة شرع في أدائها التثويب، أو ينسى فيها القنوت في عموم الأحوال ولم ينو الصبح على هذا الخلاف.

وهذا لأن هذه الصلاة معروفة باسم الصبح ولا يعلم بهذه النية أن المراد بها الصبح إلا الخواص من الناس، فلا يكتفي به للتمييز، وهكذا لو لم يكن [٢٣ ب/٣] عليه فائتة غيرها من الصبح أو لا فائتة عليه أصلاً سوى هذه فأحرم بها، ولم ينو الفائتة، فإن كان عليه صبح الوقت لم يجز لعدم التمييز، وإن لم يكن عليه صبح الوقت أيضاً فيحتمل أن يقال: لا يجوز؛ لأن الصبح في الجملة هو ينقسم إلى أداء وفائت فيحتاج إلى التمييز، ويحتمل أن يقال يجوز؛ لأن الصبح الذي عليه الآن ليس إلا الفائتة الواحدة، فإذا نوى صلاة الصبح فريضة، والحالة هذه انصرفت هذه النية ضرورة إلى ما عليه، إذ الغرض من التمييز قد حصل.

وهكذا لو فاتته صلاة العشاء، وأراد أن يقضيها في النهار، فنوى أنه يصلي العشاء الذي هو للبارحة فريضة، ولم ينو الفائتة على هذين الوجهين، والأشبه الجواز هاهنا؛ لأن عشاء البارحة لا تكون إلا قضاء، فإن الأداء منها لا يسمى بهذا الاسم، وهذه التسمية يقتضي دخول النهار وذهاب الليل فتقوم هذه النية مقام نية القضاء في الجواز، بل هذا أولى لأن هذه النية هي أخص من نية القضاء الذي قد يكون عشاء البارحة، وقد يكون عشاء غيرها من الليالي فكانت أولى بالجواز ويشبه بما [٢٤ أ/٣] ذكرنا من الوجهين في هذه المسائل الوجهين في نية الفرض. هل يلزم في صلاة الظهر؟ أحدهما:

<<  <  ج: ص:  >  >>