الفرق أن التيمم بدل من الغسل في محل الغسل، فحذى به حذوه، وهذا ليس ببدل شيء يجب تقديره به، فجاز فيه ما يقع عليه الاسم.
وأما المسنون فهو أن يستوعب جميع الرأس بالمسح بلا خلاف.
وكيفيته أن يأخذ الماء بيديه ويرسلها لينزل الماء عنها، ثم يضع يديه على مقدم رأسه ويضع طرف سبابته على طرف [١٦٣ أ/ ١] سبابته الأخرى، ويجعل إبهاميه على الصدغين، ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه؛ لأن بعض شعر الرأس مقبل وبعضه مدبر على القفا، فإذا اذهب بهما إلى قفاه مسح الوجه الأعلى من الشعور على القفا دون الباطن منه، فإذا ردهما إلى المكان الذي بدأت انقلبت الشعور ظهرًا لبطن، وحصل به مسح الكل، وإذا فعل هكذا حصلت مسحة واحدة. ولو بدأ بالمسح من جانب آخر جاز،
وهذا لما روى عبد الله بن زيد الأنصاري في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مسج رأسه بيديه أقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى فقاه ثم درهما إلى المكان الذي بدأ منه".
وقد قال الشافعي:"فَيَمْسَحَ جَمِيعَ رَاسِهِ وَصَدْغَيْهِ". فمن قال من أصحابنا: إن الصدغان من الرأس، قال: إنما أمر به لاستيعاب مسح كل الرأس.
ومن قال هما من الوجه، قال: أمر بمسحهما وإن لم يكونا منه ليصير بالمجاوزة إليهما مستوفيًا لجميع الرأس.
وقال بعض أصحابنا: قوله: "وصَدْغَيْهِ" فهو من المشكلات؛ لأن الصدغين من حد الوجه يجب غسلهما من الوجه وأدخلهما هنا في مسح الرأس، وهذا الإشكال قد ارتفع بما ذكرنا. وقال القفال: هذا الذي ذكره الشافعي هو إذا كان في شعره أدنى طول، فأما المحلوق أو صاحب الذؤابة [٦٣ ب/ ١] فلا فائدة في رد اليد إلى الوضع الذي بدأ منه، ولو رد لا يحصل به مسحة ثانية، بل يحتاج الثانية إلى ماء جديد فلا يحصل بهذا الرد تعميم ولا تثليث والمستحب أن يكرر هذا. قلنا: كل مرة بماء جديد وبه قال أنس - رضي الله عنه - والأوزعي، والثوري. وقال أبو حنيفة: يمسح مرة واحدة ولا سنة في الزيادة. وبه قال مالك، وأحمد، وأبو ثور. وربما يقوله إنه بدعة. وقال ابن سيرين: يمسح مرتين. وهذا غلط لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل أعضاءه ثلاثًا ومسح برأسه ثلاثًا" وعن عثمان، وعلي - رضي الله عنهما - وروايتنا أولى لأنها زائدة.
وقال بعض أصحابنا: في الرأس فرض وسنتان وهيئة، فالفرض ما ذكرنا، والسنتان