سبقه الحدث ولم يستخلف هو بطلت صلاتهم، ولو خطب واحد وصلى آخر صلاة الجمعة هل يجوز؟ قولان مبنيان على هذين القولين:
أحدهما: لا يجوز لأن الخطبتين كركعتين، والثاني: وهو الأصح يجوز، فإذا قلنا: لا يجوز فإن كان حدثه قبل افتتاح الصلاة لم يجز أن يقدم [١٠٤ ب/٣] واحد، فإن كان رجوعه قريباً أشار إليهم أن امكثوا وخرج هو وتطهر ورجع وينو عليه وإن كان يطول، فقد حكي المزني رحمه الله عن الشافعي رحمة الله عليه في "الجامع الكبير": أن الإمام إذا أحدث في صلاة الجمعة فإنهم يصلون فرادى ركعتين. قال أبو إسحاق رحمه الله: يشتبه أن يكون هذا علي هذا القول فبقاءهم على حكم الجمعة حيث منعهم من أن ينصبوا إماماً غير الأول إتباعاً له.
وحكى المزني رحمه الله في "جامعه الصغير" أنه إن كان هذا بعد أن صلى بهم ركعة أتموها جمعة، وإن كان قبل ذلك أتموها ظهراً، أو ينقضوها ويستأنفون الجمعة، بأن يأمروا واحداً يخطب بهم ويصلي الجمعة، وهذا أصوب قياساً على المسبوق وإن كان هذا في سائر الصلوات أتموا لأنفسهم بكل حال. وإذا قلنا: إنه يجوز الاستخلاف فإن كانت جمعة، فإن استخلف في أثناء الخطبة فغيه وجهان:
أحدهما: يجوز لأن الخطبتين كركعتين، والثاني: لا يجوز لأنها ذكر للصلاة قبلها فلا يجوز أن يستخلف فيه، كالأذان، وان كان الاستخلاف [١٠٥ أ/ ٣] بعد الفراغ من الخطبة، وقبل الإحرام بالجمعة، فإن استخلف من حضر الخطبة جاز، لأنه من أهل الجمعة وأصل فيها ألا ترى أنه لو خطب بهم وهم أربعون فقبل أن يحرم بهم أحرم بهم غير الإمام الخطيب صح، ولو استخلف من لم يحضر الخطبة لا يجوز، لأنه ليس من أهلها، بدليل أنه لو خطب بأربعين فحضر أربعون بعد الخطبة فعقدوا الجمعة بنا، على خطبة هذا الإمام لا يجوز.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: في هذا قولان: وفيه نظر وإن كان الاستخلاف بعد افتتاح الصلاة فإن لم يكن أحرم معه بها قبل حدثه لا يجوز سواء حضر الخطبة أو لم يحضرها. نص عليه في "الأم"؛ لأنا نراعي قبل الإحرام بالصلاة من حضر الخطبة وبعد الإحرام بها من دخل معه في الصلاة.
وقال صاحب "الإفصاح": ويحتمل عندي أن يجوز قيامه على ما قال الشافعي في جواز صلاة الجمعة خلف الصبي في أحد القولين؛ لأن صلاة الصبي نافلة، وإذا جاز أن يصلي الجمعة خلف من يصلي نافلة، جاز أن يصلي خلف من يصلي [١٠٥ ب/ ٣] الظهر، وهذا هو خلاف النص وإن استخلف من كان قد أحرم بالصلاة قبل حدثه، فإن كان في الركعة الأولى كان تقديمه سواء كان قد أحرم قبل الركوع أو بعده وسواء كان قد حضر الخطبة أو لم يحضر، نص عليه في "الأم"؛ لأنه إذا حضر الخطبة كمل