للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمستحب للإمام أن يخطب ووجهه إلى الناس، ولا يستحب للمؤذن أن يقبل بوجهه إلى القوم بل يستحب له استقبال القبلة حال الأذان. قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان رسول الله يخطبنا وكنا نستقبله بوجوهنا ويستقبلنا بوجهه" ولو خطب الإمام ورفع صوته حتى سمع الحاضرون خطبته جاز استقبلهم أو لم يستقبلهم؛ لأن سماع الخطبة قد حصل.

فَرْعٌ آخرُ

لو أسمع نفسه أو لم يسمع الحاضرين ظاهر المذهب أنه لا يعتد بها. وقال أبو إسحاق رحمه الله: يحتمل أن يعتد بها كما لو أسر بالقراءة في الصلاة، ويحتمل أن لا يعتد بها كما لو أذن بحيث لا يسمعه غيره. قال أبو حامد: هذا هو الصحيح عندي لأنها بالأذان أشبه.

مسألة: قال: فإذا فرغ أقيمت الصلاة فيصلي بالناس ركعتين.

الفصل

[١٢٧ أ/ ٣] وهذا كما قال إذا فرغ من الخطبتين أقام المؤذن الصلاة، لأن الإقامة لاستفتاح الصلاة والمستحب أن يأتي بها عقيب الخطبتين لتكون صلاة الجمعة عقيبها بلا فصل، ولو أقام قبل الفراغ من الخطبة هل يحتسب؟ وجهان:

أحدهما: لا وهو الأقيس، لأنه لا يصح الابتداء بالجمعة في تلك الحالة.

والثاني: يحتسب كما قبل الطهارة. وقيل: إن فرغ منها بعد الفرغ من الخطبة جاز وإلا فلا، فإذا فرغ من الإقامة فالإمام يصلي بالناس ركعتين. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صلاة الجمعة ركعتان وصلاة السفر ركعتان تماما غير قصر على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم -.

والمستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة وسورة الجمعة، وفي الركعة الثانية بالفاتحة وسورة المنافقين. وقال أبو حنيفة رحمه الله: يكره تعيين سورة من القرآن سوى الفاتحة حتى لا يقرأ غيرها. وهذا غلط لما روي عن عبد الله بن أبي رافع كاتب علي رضي الله عنه قال: كان مروان بن الحكم يستخلف أبا هريرة رضي الله عنه على المدينة فاستخلفه مرة فصلى الجمعة فقرأ في [١٢٧ ب /٣] الركعة الأولى بالجمعة، وفي الثانية: بسورة المنافقين، فلما انصرف مشيت إلى جنبه فقلت: يا أبا هريرة لقد قرأت بسورتين قرأهما علي رضي الله عنه، فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأهما، فإن قيل: روى سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الجمعة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:١] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:١] وقلنا: ما رويناه

<<  <  ج: ص:  >  >>