للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار، فاعملوا وأنتم من الله على حذر واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره"، وروى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[١٣٨ أ/ ٣] خطب يوم الجمعة "فحمد الله وأثنى عليه ثم قال على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت عيناه كأنه منذر جيش، ثم قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، وأشار بأصبعه الوسطى والتي تلي الإبهام، ثم يقول: "إن أفضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدث بدعة من ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإليً".

وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان لرسول - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما ويقرأ القرآن ويذكر الناس. وروي عن صفوان بن يعلى قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يقرأ على المنبر {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: ٧٧] فإن قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى قال الشافعي رحمه الله: أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على من قال ذلك فيكره له ذلك حتى يقرأ اسم الله تعالى ثم يفرد بعده اسم رسوله فلا يذكره إلا منفرداً فقد قال رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما شاء الله وشئت فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: [١٣٨ ب/ ٣] "أمثلان قل ما شاء الله، ثم شئت" فنهاه عن العطف في المشيئة بالواو ونقله إلى حرف ثم لبدله بذلك على أن المشيئة من جهته، إنما تكون بمشيئة الله تعالى، وأن المخلوق إنما يشاء شيئاً؛ لأن الله تعالى يشاء إن شاء مخلوقه ذلك الشيء ودل هذا من كلام الشافعي رحمة الله عليه على أن مذهبه مذهب أهل الحق.

ثم قال الشافعي رحمه الله: ومعقول أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض وهذا أوجزه أي: هذا الذي ذكرته من أقل الخطبة هو أوجزه فلا يجوز أن يقتصر على ما قاله أبو حنيفة. فإن ذلك لا يسمى خطبة ولا يسمى المتكلم به خطيباً. واحتج أبو حنيفة رحمه الله بما روي أن رجلاً قال: يا رسول الله علمني عملاً أدخل به الجنة فقال: "إن قصرت الخطبة لقل أعرضت المسألة" فسمي ذلك خطبة قلنا: هذا السؤال لا يكون خطبة بالإجماع، ثم لعله سماه خطبة مجازاً وكلامنا في الحقيقة، وفي الحقيقة قوله: لا إله إلا الله أو سبحان الله لا تكون خطبة. وروي عن أبي يوسف ومحمد رحمهما [١٣٩ أ/ ٣] الله، وعن مالك رحمه الله روايتان: إحداهما: أن من هلل أو سبح أعاد ما لم يصل والثانية: أن لا يجزي إلا ما تسميه العرب خطبة وعن أحمد رحمه الله نحو مذهبنا.

فَرْعٌ آخرُ

إذا خطب الأولى جلس ويكون جلوسه بقدر قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

<<  <  ج: ص:  >  >>