للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

وهذا كما قال إذا دخل رجل والإمام يخطب بالأولى له أن لا يسلم ويكره له ذلك، وقال في "الأم": لا بأس أن يسلم ويرد عليه، والإمام يخطب يوم الجمعة فحصل من هذا أن الأولى أن لا يسلم، وهل يكره؟ قولان: فإن خالف فسلم، قال: هاهنا يرد عليه بعضهم أي: يجيب عن سلامة بعضهم وعلل فقال: لأن الود فرض، يعني: في غير هذا الموضع لأن المسلم في هذا الموضع وضع السلام في غير موضعه، وترك الأدب فيه فلا يستحوذ الرد، ألا ترى أنه روي أن رجلاً مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو [١٤٠ ب / ٣] يقضي حاجته فسلم عليه فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وضرب يده على الجدار وتيمم، ثم ناداه ورد عليه السلام وقال له: "إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم عليَّ، فإنك إن سلمت عليَّ لا أرد عليك ولولا أني خشيت أن تقول: سلمت على رسول الله فلم يرد عليَّ ما رددت عليك ".

ثم قال الشافعي رحمه الله: ويسع تشميت العاطس؛ لأنه سنة، يعني لا أكره تشميت العاطس في هذه الحالة ما أكره من رد السلام؛ لأن العطاس لم يكن إلا العاطس فكان معذوراً فيه. بخلاف المسلم فإن السلام إليه هذا مذهب الشافعي في الجايد، وهو أن الصمت في حال الخطبة سنة ويجوز فيها رد السلام وتشميت العاطس.

وقال في"القديم": لا يشمت العاطس ولا يرد السلام إلا بالإشارة، وهذا لأن الصمت فرض، وفيه قول مخرج. ذكره أبو إسحاق رحمه الله أنه يشمت العاطس ولا يرد السلام، فحصل في المسألة ثلاثة أقوال:

أحدها: لا يشمت ولا يرد السلام، والثاني: يشمت ويرد السلام، والثالث: يشمت [١٤١ أ/ ٣] ولا يرد واختار المزني أنه يشمت ويرد، وقال: لأن الرد فرض والصمت سنة والفرض أولى وهذا غير لازم؛ لأنه على القول الذي يقول: الصمت فريضة أجاب بهذا الجواب، ثم استدل المزني رحمه انه على أن الصمت سنة بكلام الخطيب في الخطبة فقال: وهو يقول، يعني به الشافعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلم قتلة ابن أبي الحقيق وكلم سليكاً الغطفاني، أما خبر سليك فقد ذكرناه.

وأما حديث ابن أبي الحقيق فهو ما روي أنه "كان يهودي بخيبر يكنى أبا رافع كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويغري المشركين على قتاله فاستأذن عبد الله بن عتيك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتله فأذن له، فخرج في جماعة إلى أن احتال في دخول حصنه فقتله فيه، ثم رجع أصحابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعهم السيف الذي قتل به أبو رافع والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة فدخلوا فدعاهم وكلمهم" وهذا أيضاً ليس بلازم، لأن الخطيب إذا تكلم وهو يخطب فقد ترك الخطبة، ولا يكون [١٤١ ب/ ٣] في حال كلامه خطيباً وغيره إذا تكلم وهو يخطب فقد ترك ما أمر به من الاستماع للخطبة والإنصات لها فلم يجز،

<<  <  ج: ص:  >  >>