الرأس بالمسح, ومسح الأذنين, وإدخال السبابتين في صماخي الأذنين بماء جديد, والتخليل في اللحية وأصابع الرجلين. ومن أصحابنا من ذكر السواك قبل الوجه, وهو اختبار ابن سريج فجعله سننًا, وزاد ابن أبي أحمد مسح العنق فجعله سننًا, وقيل بدل مسح العنق يطول الغرة, وذكر بعض أصحابنا التكرار في جملة السنة.
وقيل: الوضوء مشتمل على الواجبات, والسنن, والفضيلة [٧٤ أ/ ١]، والهيئات. فهي أربع، وهي: إدخال الماء في العينين، وتطويل الغرة لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء, فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل".
والختم بالشهادتين والدعاء في كل عضو يغسله, وهو ما روي في الأخبار فيقول في ابتدائه: بسم الله, والحمد لله الذي جعل الماء طهورًا. وفي غسل الكفين: اللهم أحفظ يدي من معاصيك جلها. وفي المضمضة: اللهم أجر على لساني الصدق, والصواب أن يقول: اللهم اسقني من حوض نبيك كأسًا لا أظمأ بعده, وفي الاستنشاق: اللهم لا تحرمني رائحة جناتك ونعمك. وفي الوجه: اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. وفي اليد اليمنى: اللهم أعطني كتابي بيميني, وحاسبني حسابًا يسيرًا. وفي اليد اليسر: الله لا تعطني كتابي بشمالي ومن رواء ظهري. وفي مسح الرأس: اللهم أحفظ رأسي وما حوي, وبطني وما وعى, أو يقول: اللهم أظلني تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. أو يقول: اللهم حرم شعري وبشرتي على النار. وفي مسح الأذنين: اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وفي مسح العنق: اللهم أعتق رقبتي من النار والمظالم. وفي الرجلين: اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل الأقدام, أو يقول: اللهم أجزني على الصراط, ولا تجعلني [٧٤ ب/ ١] ممن يتردى في النار.
وقيل: الهيئات الخمس, والخامسة البدأة بالوجه بأعلاه, وفي اليدين بالكفين, وفي الرأس بمقدمه، وفي الرجلين بأطراف أصابعه: وقيل: إن صب عليه غيره الماء فإنه يبتدأ بالكعبين إلى الأطراف هيئة. وقيل: غسل الكفين والتسمة من الهيئات أيضًا وما تقدم أصح.
فإذا تقرر هذا احتج الشافعي رحمه الله بعد هذا على الاختصار على بمرة مرة جائز؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة, وقال: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به, ثم توضأ مرتين مرتين, وقال: " من توضأ مرتين أتاه الله أجره مرتين" ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي, ووضوء خليلي إبراهيم".