للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعكس هذا لو صلى آمناً ركعة، ثم صار إلى شدة الخوف فركب ابتداء ..

وقال في "الأم" في المسألة الأولى: إذا نزل أحب أن يعيد فإن لم ينقلب وجهه عن جهته فلا إعادة؟ لأن النزول خفيف وإن انقلب وجهه عن جهته حتى يولى قفاه أعاد، لأنه تارك [١٨٠ ب/ ٣] قبلته، وفي الركوب يلزم الاستئناف؛ لأن الركوب عمل أكثر من النزول واعترض المزني رحمه الله على هذا الفرق فقال: قد يكون الفارس أخف ركوباً وأقل شغلاً لفروسيته من نزول ثقيل غير فارس.

قال أصحابنا: لم ينصف المزني في مقابلة ركوب الخفيف بنزول الثقيل، بل كان من حقه أن يقابل بل ركوب كل واحد منهما بنزوله بنفسه، ولا شك أن نزول كل واحد منهما إذا قوبل بركوبه كان عمل الركوب أكثر من عمل النزول.

وقال بعض أصحابنا: خرج كلام الشافعي على العادة في الفارس الحاذق بترك أو بركب. فإذا صورت على الضد كان الجواب على الضد. وقيل: النزول أخف بكل حال لأنه وإن لم يكن فارساً يمكنه أن يرمي بنفسه عن الدابة، وينزل وهذا ليس بشيء، وقيل: نص في موضع من "الأم": على أنه إذا ركب بنى على صلاته ففي المسألة قولان: سواء كان لغير حاجة أو لحاجة، أحدهما: يبطلها، لأنه عمل كثير، والثاني: لا يبطلها لأن العمل الكثير لا يؤثر في صلاة شدة الخوف كالمشي. ومن أصحابنا من قال: هذا على [١٨١ أ/ ٣] اختلاف حالين، فإن كان لغير حاجة بطلت صلاته، وان كان للحاجة إلى الركوب للدفع عن نفسه أو للهرب عند الضرورة فلا تبطل الصلاة قولاً واحداً لأن الشافعي رحمه الله نص في "الأم" فقال: وإذا صلوا رجالاً وركباناً في شدة الخوف لم يتقدموا فإن احتاجوا إلى التقدم لخوف تقدموا ركباناً ومشاة، وكانوا في صلاتهم بحالهم وكذلك إن احتاجوا إلى ركوب ركبوا وهم في الصلاة، وان لم يحتاجوا إليه فركبوا ابتدؤوا الصلاة.

وقال في موضع آخر من "الأم": لو تفرق العدو فابتدؤوا الصلاة بالأرض، ثم جاءهم طلب فلهم أن يركبوا، ويتمون الصلاة ركباناً، ويومؤون إيماء.

وقال القاضي الطبري رحمه الله: نص في هذين الموضعين على أنه إذا أتى الركوب ركبه ومضى في صلاته. قال: وقرأت أن صلاة الخوف من "الأم" وغيره وأعدت نظري فيه كثيرا، والذي يقتضيه كلام الشافعي أن الركوب عمل طويل، فإذا فعله المصلي من غير حاجة بطلت صلاته، وإن فعله للحاجة بأن يشتد الخوف على ما ذكرنا يركبون ويمضون في صلاتهم [١٨١ ب/ ٣] ثم يعيدون على ما سنذكر من بعد إن شاء الله، وهذا يدل على بطلان قول من قال فيه قولان.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا تبطل عند الحاجة قولاً واحداً ولا إعادة وهذا أقيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>