لها أهل البلد والقرى فلا يسعهم الجامع بخلاف الجمعة.
وقال في " الأم": إذا كان المسجد يسعهم فصلاة العيد فيه أفضل من الصلاة في الصحراء، وإن كان ضيفا لا يسعهم فالصلاة في الصحراء أفضل، وعلى هذا المعنى، قال الشافعي في التكبير: لا يقام العيد في البلدان في المساجد، بل يخرجونإلى الجبان إلا بمكة فإنهم يصلون في المسجد، ولا أراهم يفعلون ذلك إلا لعظم المسجد، وقال بعض أصحابنا:"٢٠٤ ب/٣" في علته في مسجد مكة أنهم يستقبلون عين الكعبة حقيقة ولا يكون هذا في موضع آخر، وإن كان المسجد كبيرا مسجد مكة وبيت المقدس صلوا فيه، وهذا لأن المسجد هو أشرف البقاع وأفضلها وألطفها.
وجملته: انه يجوز في الصحراء والمسجد بكل حال، والمسجد أفضل عند الاتساع وعند العذر من مطر أو غيره؛ لما روي أبو هريرة رضي الله عنه قال: أصابنا مطر فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العيد بالناس في المسجد، ولأن الناس يقلون في يوم المطر فلا يضيق المسجد عنهم، وإنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى الصحراء عند الصحو لضيق مسجده، فإن خالف في هذه الحالة وخرج إلى الصحراء وصلى الناس، قال:"لم أكره ذلك ولا بأس".
وإن ضاق المسجد عن الناس فالأفضل الخروج إلى الصحراء، فإن خالف صلى في المسجد يكره ذلك، وإنما قال: يكره هاهنا ولم يقل: هناك يكره، لأن في هذا مخالفة السنة ولم يخالف السنة هناك، ثم إن كان الصحار قريبا لا يلحق الضعيف مشقة في حضوره فالأمر على ما ذكرنا، وإن كان الصحراء بعيدا استخلف من يصلي "٢٠٥ أ/٣" بضعفة الناس في المسجد، وفي المطر إذا ضاق المسجد على الناس صلى الإمام في المسجد الأعظم بمن يطيق الحضور معه، واسخلف من يصلي بباقي الناس في موضع آخر يكون أرفق بهم.
ومن أصحابنا من قال: الأفضل الخروج إلى الصحراء عند الإمكان بكل حال، لأن فيه إظهار العيد الذي هو شعار الإسلام والسنة وهذا خلاف النص، ويستحب أن يمشي إلى صلاة العيدين ولا يركب إلا أن يضعف عن المشي سواء كان رجلا أو امرأة، ولو ركب من غير ضعف فلا بأس، ويكون سيره وصفة مشيه على ما ذكرنا في الجمعة. وأما إذا انصرف فهو بالخيار إن شاء ركب، وإن شاء مشى، لأن انصرافه ليس بطاعة خلاف الخروج إلا أن يتأذى الناس بركوبه فيكره لأجل الأذى بالناس. وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يركب في أربعة مواطن:" العيدين والاستسقاء والجنازة وعيادة المريض".
وقال أصحابنا: لو كان البلد ثغرا لأهل الجهاد يقرب من العدو فركوبهم وإظهار سلاحهم وزيهم في العيد أولى لما فيه من إعزاز الدين وتحصين "٢٠٥ ب/٣" المسلمين.