إلى أن يصلي الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح لو ابتدئوا التكبير خلف صلاة المغرب من ليلة النحر قياسا على أمر الله تعالى في ليلة الفطر من شهر رمضان بالتكبير مع إكمال العدد لم أكره ذلك، وقد سمعت من يستحب هذا وإن لم يكبروا وأخروا ذلك حتى يكبروا تكبير أهل منى فلا بأس إن شاء الله. وقد "٢٣٣ أ/٣" روي عن بعض السلف أنه كان يبتدئ التكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة وأسأل الله التوفيق.
واختلف أصحابنا في هذا منهم من قال: المسألة على قول واحد، وهو الذي نص عليه في أكثر كتبه أنه يكبر من أول الظهر يوم النحر، والباقي حكاية مذهب الغير لا أنه مذهبه، أو الذي قال: يبتدئ من صلاة المغرب أراد تكبير الإرسال.
ومنهم من قال: في المسألة ثلاثة أقاويل لظاهر ما ذكر في "الأم"
أحدها: يبدأ به بعد صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق فيكون التكبير بعد خمس عشرة صلاة، وهو المروي عن عثمان وابن عباس وزيد بن ثابت، وابن عمر في رواية، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، وبه قال مالك رحمه الله، ووجه هذا هو أن صلاة الظهر هي أول صلاة يستقبل الحاج بمنى، لأنهم يرمون الجمرة في هذا اليوم ويلبون في أول حصاة من الجمرة، ثم يتركون التلبية. ويأخذون في التكبير مع صلاة الظهر وآخر صلاة يصلونها بمنى هي الصبح من آخر أيام التشريق؛ لأنهم إذا رموا الجمرة بعد الزوال "٢٢٣ ب/٣" من هذا اليوم نفروا قبل أن يصلوا الظهر بمنى، وهذا هو السنة أن يصلوا الظهر في الطريق، فكان قطعهم التكبير خلف صلاة الصبح بمنى والناس بعد لهم تبع أو قياس عليهم.
والثاني: يبتدئ به من صلاة المغرب ليلة النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، فيكون التكبير بعد ثماني عشرة صلاها، وهذا لما أمر الله به من التكبير بعد إكمال عدة شهور رمضان وهو وقت المغرب ليلة الفطر.
والثالث: يبتدئ به من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وبه قال عمر وعلي، وإحدى الروايتين عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهماوهو مذهب الثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق، وهو اختيار ابن سريج والمزني وعليه يحمل الناس بالببلدان واختاره ابن المنذر، وبه أقول.
ووجه هذا: ما روي جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح يوم عرفة ثم أقبل علينا فقال: الله "أكبر ومد التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق"، ونحو هذا رواه عمر رضي الله عنه وعمار أيضا، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - "٢٢٤ أ/٣" قال في أيام التشريق "إلى آخر النهار"، ولأن يوم عرفة هو يوم الحج الأكبر والناس في هذا اليوم تبع للحاج، وحكى الداركي عن أبي إسحاق أنه قال: ليس ذلك باختلاف الأقاويل، ولا يختلف المذهب أنه