والقمر آيتان من آيات الله سبحانه لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الله تعالى"
وروى ابن مسعود البدري رضي الله عنه قال: كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يخوف بهما عبادة لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم "٢٣٣ أ/٣" ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة"، والعم أنه لم يصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكسوف القمر ولكنه نبه بما ذكر في كسوف الشمس عليه حيث قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يخوف .... " الخبر.
وأما الإجماع: فلا خلاف بين المسلمين فيه. فإذا تقرر هذا فوقت هذه الصلاة، أي: وقت وجد سببها من ليل أو نهار سواء كان ذلك الوقت المنهي عن الصلاة فيه، أو في غيره لأن لها سببا ويخاف فوتها لو أخرها خلافا لأبي حنيفة ومالك على ما مضى بيانه، فإن قيل: قلتم: صلاتا العيد والاستسقاء لا يؤديان في الوقت المنهي؟ قلنا: لأن وقتهما واسع فجرى ذلك مجرى النوافل التي لا سبب لها، وهذا وقته يضيق فإنه ربما يزول بزوال العارض.
واعلم أن هذه الصلاة سنة مؤكدة وليست بفريضة بلا خلاف، وكل من وجبت عليه الصلوات الخمسة سنت له صلاة الكسوف، الرجل والمرأة والحر والعبد والمسافر والمقيم والحضري والبدوي فيها سواء، وسواء صلى الإمام أو تركها، وسواء صلاها منفردا أو في جماعة، فإن خرج الإمام صلوا معه، وإن لم يخرج طلبوا من يصلي بهم، فإن لم يجدوا وخافوا إنكار الإمام "٢٣٣ ب/٣" صلوا فرادى.
مسألة: قال: ويتوجه الإمام إلى حيث يصلي الجمعة.
وهذا كما قال: المستحب أن يصلي صلاة الخسوف في المسجد الجامع دون الصحراء؛ لأن صلاة العيد إنما تستحب في الصحراء إذا كان المسجد لا يسعهم؛ لأن الناس من الصغار والكبار من أهل المصر والسودان ندبوا إلى حضور صلاة العيدين، فكان الأرفق بهم أن يصلي بهم في الصحراء بخلاف صلاة الخسوف فإنه لا يسن لها من الاجتماع ما يسن لصلاة العيدين، وأيضا وقت صلاة الخسوف يضيق فربما تجلت الشمس قبل بلوغهم المصلى فتفوت الصلاة فاستحب فعلها في المسجد، بخلاف صلاة العيد فإن وقتها موسع لا يخاف فوتها، ولهذا لم يصلها قط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في المسجد بخلاف صلاة العيد.