ويستحب أن يكون منه هذا الذي ذكرنا في مرضه أكثر منه في حال الصحة، قال الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إن تَرَكَ خَيْرًا}[البقرة: ١٨٠] الآية.
فأراد سبب الموت وهو المرض الذي هو نذير الموت ويريده. وعلى كل حال يستحب أن يكون حسن الطريقة حسن الظن بالله عز وجل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل"، قال جابر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا قبل موته بثلاث.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: إنما نحسن الظن بالله تعالى من حسن عمله، فكأنه قال: أحسنوا أعمالكم يحسن الله ظنكم بالله فإن من ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون حسن الظن بالله تعالى من ناحية الرجاء وتأميل العفو، وروى واثلة بن الأسقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عن الله تعالى:"أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ما شاء".
وقيل: المستحب أن يستوي في خوف العبد المؤمن ورجاؤه، ويكون خوفه في الصحة أكثر ليزداد عملاً صالحاً، وأما عند الموت فيستحب أن يكون رجاؤه لرحمة الله [٢٦٧ ب/ ٣] أكثر ليموت وهو حسن الظن بالله تعالى ذكره القفال.
واعلم أن من مرض يستحب له أن يصبر، لما روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يشفيني فقال: "إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك" قالت: أصبر ولا حساب علي، وقال بعض أصحابنا: يكره للمريض الأنين والتأوه وكثرة الشكوى لما روي من الخبر، ولأن طاوس رضي الله عنه كان يكره أنين المريض، وقال أيضاً: يستحب أن يتداوى لما روى أبو الدر داء رضي الله عنه أن وسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بالحرام".
ويستحب عيادة المريض لما روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإتباع الجنائز وعيادة المريض وإجابة الداعي ونصر المظلوم وإبرار القسم ورد السلام وتشميت العاطس. وقال زيد بن أرقم: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجع كان بعيني وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عائد المريض في مخرف من مخاريف الجنة حتى يرجع إلى [٢٦٨ أ/ ٣] أهله" وأراد بالمخرف البستان، يعني: أنه يستوجب به الجنة