مسألة: قال: ويستر موضعه الذي يغتسل فيه فلا يراه أحد إلا غاسله.
وهذا كما قال. إذا أراد غسله جعله في موضع لا يطلع أحد عليه، إما في بيت أو تحت سقف ويستر موضعه في البيت بأن يسبل الستر على الباب، وهذا لأجل أنه في حال حياته يستتر عن الناس عند غله فيفعل به بعد موته كذلك، ولأنه ربما تظهر به علامة لا ينبغي أن يطلع عليها الناس ولا يدخل هناك إلا الغاسل والمعين والولي إن شاء فالغاسل يفض بصره ما أمكن ولا ينظر إلى شي، منه إلا أن يكون له بد [٢٧٥ أ / ٣] من النظر للوقوف على قدر ما غسل وما لم يغسل، وأما المعين فيغض بصره بكل حال إلا أن يكون ضرورة ويشتغل بصب الماء، وقيل: إن الذي ولي غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العباس وعلي والفضل يغسلانه وأسامة يناول الماء، والعباس واقف.
وقال في "الحاوي": اختلف أصحابنا في أنه هل يختار غسله تحت سقف أو سماء؟ فقال بعضهم: يختار غسله تحت سقف، لأن ذلك أصون له وأخفى، وقال بعضهم: يختار تحت السماء لتنزل عليه الرحمة.
فرع
قال الشافعي: لو أن رفقة في طريق من سفرهم مات منهم ميت فلم يواروه، فإن كان في طريق أهل تخترقه الناس والمارة، أو بقرب قرية أساؤوا بتركهم الفصل، وكان على من يقرب منه من المسلمين أن يواروه، وأن يتركوه في صحراء أو في موضع لا يمر به أحد، ولا يجتاز به أهل قرية أثموا وعصوا الله تعالى، وعلى السلطان أن يعاقبهم عليه لتضييعهم حق الله تعالى، واستخفافهم بما يجب عليهم من حق أخيهم المسلم، وان كان على هذا الميت [٢٧٥ ب / ٣] أثر الغسل والكفن والحنوط فإنهم يدفنونه، فإن اختاروا الصلاة عليه صلوا على قبره، لأن الظاهر أنه صلي عليه.
مسألة: قال: ويتخذ إناءين إناء يغرف به الماء المجموع.
الفصل
وهذا كما قال. الكلام الآن في كيفية غسله، فالمستحب للغاسل أن يتخذ ثلاثة أواني.
إناء يجمع فيه الماء الكثير كالمرجل والحب، ويكون بالبعد من الميت بحيث إذا تطاير من غسله ماء لا يصيبه فإن فسد ماء هذا الإناء الصفير الذي بقربه كان ما يأخذه من الإناء الكبير كافياً، وإناء يغرف به من الماء المجموع: كالكوز والقمقمة، وإناء يلي الميت، يصب به الماء عليه ولا يغرف به لأنه ربما يترشش عليه الماء من غسل الميت إليه فيتنجس به، ثم يتنجس به الماء المجموع، فيكون أحد هذين الإناءين في يد