أي: يغسل عورته قبل غسله فيغسلها بإحداهما، ثم يلقيها ويأخذ الأخرى، وإنما استحب ذلك لأنه إذا كانت معه خرقة واحدة فغسل بها وتنجست يحتاج أن يصبر حتى تغسل ويأخذها فيطول ذلك، وإن فعل هذا بخرقة واحدة فغسل بها وتنجست يحتاج جاز وإن طال. فإذا تقرر هذا، قال أبو حامد: ظاهر ما قال في "الأم": إنه يستعمل كل واحدة منهما في جميع بدنه في الأعالي والأسافل، فيأخذ إحداهما ويبدأ بغسل وجهه ورقبته وصدره وبطنه وساقه وفخذيه وفرجيه، ويؤخر الفرج حتى إن تنجست لا يستعملها في موضع أخر تنجس بها، ثم يلقيها ويأخذ الأخرى، فيفعل مثل ذلك. وقال في "القديم": يغسل بإحداهما ما بين الإليتين والفخذين ثم يلقيها ويغسل بالأخرى جميع بدنه. قال أبو حامد: وليست المسألة على [٢٧٧ ب / ٣] قولين بل لا خلاف أنه يغسل بكل واحدة منهما جميع بدنه. والذي قال في "القديم": أراد غير هاتين الخرقتين، بل يعد أولا خرقة سواهما يغسل فرجه وما بين الإليتين ثم يلقيها ثم يستعمل الخرقتين الأخرتين في جميع البدن.
وقال القاضي الطبري: هذا الذي قاله أبو حامد لا أعرفه للشافعي في شيء من كتبه والمنصوص في "الأم": أنه يضع إحدى الخرقتين على يده ويشدها، ثم يبدأ بسفليه فينقيهما، ثم يستنجي الحي ثم ينظف يده ويأخذ خرقة أخرى نقية يشدها على يده، ثم صب عليها وعلى الميت الماء، ثم أدخلها في فيه وبين شقيه ويمر على لسانه بالماء ولا يفغر فاه، ويدخل طرف إصبعه على منخريه بشيء من ماء فينقي شيئا إن كان هناك وهذا أصح. وهكذا ذكره أبو يعقوب الأبيوردي أيضاً، وما ذكره أبو حامد هو اختيار القفال، ومن أصحابنا من قال: الخرقتان هما للفرجين وسائر البدن لا يحتاج إلى الخرقة إذ لا نجاسة عليه، وهذا خلاف المنصوص، وقال بعض [٢٧٨ أ / ٣] أصحابنا: ولو غسل كل عضو بخرقة كان أولى.
مسألة: قال: ويلقي الميت على ظهره، ثم يبدأ غاسله.
الفصل
وهذا كما قال. أراد أن يلقيه على ظهره على مغتسله في ابتداء غسله، ثم أول ما يفعل به الغاسل أن يجلسه إجلاساً رقيقاً ويمر يده على بطنه إمرارا بليغاً، وإنما يكون الإجلاس رقيقاً لئلا يخرج من جوفه شيء في تحريكه، وإجلاسه قبل صب الماء عليه فيتأذى برائحته وإنما يفعل هكذا لأن عادة الحي أنه يتغوط ويبول قبل الغسل.
وقال القاسم بن محمد: توفي عبد الرحمن فغسله ابن عمر فنفضه نفضاً شديداً وعصره عصراً شديداً، ثم غسله، ويكون إجلاسه كالمنحرف قليلاً على صورة المتكئ