وهذا كما قال: إذا مات المحرم لا يبطل إحرامه، وقال في "الأم": غسل بماء وسدر وكفن في ثيابه التي أحرم فيها أو غيرها ليس فيها قميص ولا عمامة ولا يعقد عليه ثوب كما لا يعقد الحي المحرم، ولا يمس طيباً ويخمر وجهه ولا يخمر رأسه. وقال في موضع آخر:"ولا يطرح الكافور في ثيابه ويصلى عليه ويدفن" وبه قال عثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم، وهو مذهب عطاء والثوري وأحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة والأوزاعي: يبطل إحرامه بالموت وهو كالميت الحلال وبه قالت عائشة وابن عمر رضي الله عنهما، واحتج الشافعي على أبي حنيفة بخبر الأعرابي وتمامه: أن اعرابياً كان واقفاً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات محرماً فوقصت به ناقته في أخافيق [٢٨٣ ب / ٣] جردان فاندقت عنقه فمات فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما ولا تخمروا وأسه ولا تقربوه طيباً فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" وروي ملبداً، أي محرماً على هيئة المحرمين، وقوله: وقصت به ناقته، أي: صرعته فدقت عنقه، وأصل الوقص: الدق والكسر.
فرع
المعتدة المحدة إذا ماتتء قال أبو إسحاق: لا يبطل حكمها كالإحرام سواء، وقال سائر أصحابنا: وهو الصحيح يبطل حكمها، والفرق أن المعتدة إنما منعت من الطيب والزينة لئلا تدعو نفسها إلى النكاح، وهذا معدوم بعد الموت، والمحرم منع من ذلك بحق الله تعالى تعبداً محضا فلا ينقطع بالموت.
مسألة: قال: وأحب أن يكون بقرب الميت مجمرة.
الفصل
وهذا كما قال. المستحب أن يكون بالقرب من غسله بخور من عود أو عطر لا ينقطع حتى يفرغ من غسله؟ لأنه وبما يخرج منه شيء تظهر رائحته، وربما تضعف نفس الغاسل يشم ذلك فيدفعه البخور.
وقال بعض أصحابنا: إنما ذكر في هذا الموضح ليعلم أن الميت، وإن كان محرماً فهو كغير المحرم في هذا، لأن [٢٨٤ أ / ٣] الشافعي قال في المحرم: له أن يجلس عند العطار فجوز أن يحمر بالعود بقربه للمعنى الذي ذكرنا.