للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو المعالي: "وقد قال بعض الأصحاب: التثنية راجعة إلى اللفظ لا إلى المعنى، وإنما هي صفة واحدة، كما حكيناه عن القلانسي وعن الأستاذ، على أنه كما يعبر باليد (١) عن الاقتدار، فكذلك يعبر باليدين عن الاقتدار، فقد تقول العرب: ما لي بهذا الأمر يدان، يعنون: ما لي بها قدرة قال عزَّ وجلَّ: {بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (٢).

قال أبو الحسن والقاضي: (المراد باليدين في هذه الآية القدرة).

قلت: هذا النقل فيه نظر فكلامهما يقتضي خلافه، بل هو نص في خلاف ذلك (٣).


= والنافين لها على أنه لا يجوز أن يكون له تعالى قدرتان- فبطل ما قلتم".
(١) في س: عن اليد. وهو تصحيف.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦٤.
(٣) يقول أبو الحسن الأشعري في "الإبانة" ص: ٥٥، ٥٦، أثناء مناقشته لمخالفيه: ". . -وأيضًا- فلو كان الله -عزَّ وجلَّ- عنى بقوله: {لما خلقت بيدي} القدرة، لم يكن لآدم - عليه السلام - على إبليس في ذلك مزية، والله -عزَّ وجلَّ- أراد أن يري فضل آدم - عليه السلام - إذ خلقه بيده دونه، ولو كان خالقا لإبليس بيديه كما خلق آدم - عليه السلام - بيديه، لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه، وكان إبليس يقول محتجا على ربه: فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم بهما، فلما أراد الله -عزَّ وجلَّ- تفضيله عليه بذلك قال له موبخًا على استكباره على آدم أن يسجد له: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت} دل على أنه ليس معنى الآية القدرة، إذا كان الله -عزَّ وجلَّ- خلق الأشياء جميعًا بقدرته، وإنما أراد إثبات يدين، ولم يشارك إبليس آدم - عليه السلام - في أن خلق بهما".
وتقدم النقل عن القاضي أبو بكر وأنه لا يقول: إن المراد باليدين القدرة لأنه يلزم على هذا أن يكون لله قدرتان، والمخالف لا يثبت قدرة واحدة، فكيف يثبت قدرتين؟.
فالأشعري وأئمة أصحابه كأبي الحسن الطبري، وأبي عبد الله بن مجاهد الباهلي، والقاضي أبي بكر، متفقون على إثبات الصفات الخبرية التي ذكرت في =

<<  <  ج: ص:  >  >>