للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتأولونها، وإن لم يعلموا انتفاء مقتضاها، ومعلوم أن من جعل الرسول بمنزلة واحد من هؤلاء، كان في قوله من الإلحاد والزندقة ما الله به عليم، فكيف بمن جعله في الحقيقة دون هؤلاء؟ وإن كانوا هم لا يعلمون أن هذا لازم قولهم، فنحن ذكرنا أنه لازم لهم لنبين فساد الأصول التي لهم، وإلّا فنحن نعلم أن من كان منهم ومن غيرهم مؤمنًا بالله ورسوله، لا ينزل الرسول هذه المنزلة.

الوجه الثالث:

أن يقال: ما نفيتموه من الصفات وتأولتموه، يقال في ثبوته من العقل والكشف نظير ما قلتموه فيما أثبتوه وزيادة، وقد بسطت هذا في غير هذا الموضع، وبينت أن الأدلة الدالة سمعًا وعقلًا على ثبوت رحمته ومحبته ورضاه وغضبه، ليست بأضعف من الأدلة الدالة على إرادته، بل لعلها أقوى منها، فمن تأول نصوص المحبة والرضا والرحمة وأقر نصوص الإرادة كان متناقضًا.

الوجه الرابع:

إن ما ذكرتموه هو نظير قول المتفلسفة والمعتزلة، فإنهم يقولون: تأولناه لدلالة أدلة المعقول (١) على نفي مقتضاه، وكل ما يجيبونهم به يجيبكم أهل الإثبات من أهل الحديث والسنة به.

الوجه الخامس:

إن أهل الإثبات لهم من العقل الصريح والكشف الصحيح ما يوافق ما جاءت به النصوص، فهم مع موافقة الكتاب والسنة وإجماع سلف


(١) في س، ط: العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>