للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما استطاع، وأنه قد أتى فيما أمر بما استطاع إذ لم يستطع غير ما فعل، وأنتم وإن كنتم لا تستلزمون (١) ذلك فهو لازم قولكم إذا لم تجعلوا الاستطاعة نوعين، وقول القدرية الذين يجعلون استطاعة العبد صالحة للضدين، ولا يثبتون الاستطاعة التي هي مناط الأمر والنهي أقرب إلى الكتاب والسنة والشريعة من قولكم: إنه لا استطاعة إلا للفاعل وإن من لم يفعل فعلًا فلا استطاعة له عليه، وكل من تدبر القولين بغير هوى علم أن كلًّا منهما وإن كان فيه من خلاف السنة ما فيه فقولكم أكثر خلافًا للسنة.

وكذلك المعتزلة قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد بل العبد هو الذي يحدث أفعاله، فضلوا بقولهم: إن الله لم يخلق أفعال العباد.

وقلتم أنتم: إن العبد لا يفعل أفعاله، بل هي فعل الله تعالى، ولكن هي كسب للعبد (٢) ولم. . . . . . . . . . . . . . .


= مناسك الحج - باب وجوب الحج. وسنن ابن ماجة ١/ ٣ - المقدمة- باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث / ١. ومسند الإمام أحمد ٢/ ٢٤٧، ٢٥٨.
(١) في ط: لا تلتلزمون. وهو تصحيف.
(٢) قال الأشعري والباقلاني: "الواقع بالقدرة الحادثة هو كون الفعل كسبًا، دون كونه موجودًا أو محدثًا، فكونه كسبًا وصف للوجود بمثابة كونه معلومًا ولخص بعض متأخريهم هذه العبارات بأن قال: الكسب عبارة عن الاقتران العادي بين القدرة المحدثة والفعل، فإن الله - سبحانه - أجرى العبادة بخلق الفعل عند قدرة العبد وإرادته لا بهما، فهذا الاقتران هو الكسب".
يقول ابن القيم -رحمه الله- بعد ذكره لما تقدم: "ولهذا قال كثير من العقلاء: إن هذا من محالات الكلام، وإنه شقيق أحوال أبي هاشم وطفرة النظام، والمعنى القائم بالنفس الذي يسميه القائلون به كلامًا، وشيء من ذلك غير معقول، ولا متصور".
ثم بين -رحمه الله- أن ما استقر عليه قول الأشعري أن القدرة الحادثة لا تؤثر في مقدورها ولم يقع المقدور ولا صفة من صفاته، بل المقدور بجميع صفاته واقع بالقدرة القديمة، ولا تأثير للقدرة الحادثة فيه، وتابعه على ذلك عامة أصحابه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>