وقفها جدهم بلال بن أبي بردة على عقبه، وكانت نفقته في السنة سبعة عشر درهما، وقال أبو بكر الصيرفي، أحد أئمة الشافعية: كانت المعتزلة قد رفعوا رءوسهم، حتى أشهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم، وقال أبو عمر الزردجاهي: سمعت أبا سهل الصعلوكي، يقول: حضرنا مع الأشعري مجلس علوي بالبصرة، فناظر أبو الحسن المعتزلة، وكانوا كثيرا حتى أتى على الكل فهزمهم، كلما انقطع واحد أخذ الآخر حتى انقطعوا، فعدنا في المجلس الثاني فما عاد أحد، فقال بين يدي العلوي: يا غلام اكتب على الباب، فَرُّوا، وقال القاضي أبو بكر
الباقلاني: سمعت أبا عبد الله بن حسناء، يقول: دخلت البصرة وكنت أطلب أبا الحسن، فإذا هو في مجلس يناظر، وثَمَّ جماعة من المعتزلة، فكانوا يتكلمون، فإذا سكتوا وأنهوا كلامهم قال كذا وكذا، قلت: كذا وكذا، والجواب كذا وكذا، إلى أن يجيب الكل فلما قام تبعته، فقلت: كم لسان لك؟ وكم أذن لك؟ وكم عين لك؟ فضحك.
وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: قرأت بخط علي بن بقي المصري المحدث، في رسالة كتب فيها أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي جوابا، لعلي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي، حتى ذكر الأشعري، ونسبه إلى ما هو منه برئ، فقال أبو محمد بن أبي زيد في حق الأشعري: هو رجل مشهور أنه يرد على أهل البدع، وعلى القدرية الجهمية متمسك بالسنن، وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: كنت في جنب أبي الحسن الباهلي كقطرة في جنب البحر،