الله لومة لائم، مع عظيم ما يلحقه من الأذى، والشناعات، من جاهل، وحاسد، وملحد، فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها، وقناعته بما كان يرد عليه من حصة خلفها له أبوه، بطبرستان يسيرة، قال الفرغاني: ورحل ابن جرير لما ترعرع من آمل، وسمح له أبوه في السفر، وكان طول حياته يفد إليه بالشيء بعد
الشيء، إلى البلدان، فسمعته، يقول: أبطأت عني نفقة والدي، واضطررت إلى أن فتقت كمي القميص فبعتهما.
قال الفرغاني: وحدثني هارون بن عبد العزيز، قال: قال لي أبو جعفر الطبري: أظهرت مذهب الشافعي، واقتديت به ببغداد عشر سنين، وتلقاه مني ابن يسار الأحول شيخ ابن سريج، قال الفرغاني: فلما اتسع علمه، أدَّاه بحثه واجتهاده إلى ما اختاره في كتبه، قال: وكتب إلى المراغي، أن الخاقاني لما تولى الوزارة، وجه إلى الطبري بمال كثير، فأبى أن يقبله، وعرض عليه القضاء، فامتنع فعاتبه أصحابه، وقالوا: لك في هذا ثواب، وتحيى سنة قد درست، وطمعوا في أن يقبل ولاية المظالم فانتهرهم , وقال: قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه، قال: وكتب إلى المراغي يذكر، أن المكتفي قال
للحسن بن العباس: إني أريد أن أوقف وقفا، تجتمع أقاويل العلماء على صحته، ويسلم من الخلاف، قال: فأحضر ابن جرير فأملى عليهم كتابا لذلك، فأخرجت له جائزة سنية فأبى أن يقبله، فقيل له: لا بد من جائزة، أو قضاء حاجة، فقال: نعم الحاجة أسأل أمير المؤمنين أن يتقدم إلى الشرط أن يمنعوا السؤال من دخول المقصورة يوم الجمعة فتقدم بذلك، وعظم في نفوسهم، قال الفرغاني: وأرسل إليه العباس بن الحسن