قال: ولا أحب أن يجعل الميت في صندوق من خشب وهو التابوت عندنا. وبلغني أنه قيل لسعد بن أبي وقاص: نتخذ لك شيئاً كأنه الصندوق، فقال: لا بل اصنعوا بي كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصبوا علي اللبن نصباً وأهيلوا علي التراب.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "الأم": وأكره أن يتبع الجنازة بنار بين يديه المجامر للبخور بين يديها إلى القبر على ما هو العادة اليوم ولا يصاح خلفها لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار"، ولان فيه قال:[١٩٧ ب / ٣] السوء فيكره. وروي عن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن معقل ومعقل بن يسار وعائشة وأبو سعيا الخدري رضي الله عنه أنهم أوصوا أن لا يفعل ذلك.
مسألة: قال: وأضجعوه على جنبه الأيمن.
وهذا كما قال. ذكر المزني الإضجاع قبل أن يبين كيفية حفر القبر وكيفية الصلاة عليه.
وأما الصلاة عليه: فلها باب منفرد.
وأما حفر القبر: فإنا نتكلم عليه نعود إلى مسألة الكتاب وجملة ذلك أنه يستحب تعميق القبور.
قال الشافعي: قدر بطة، والبطة: الباع وهي قامة وقدر ذلك أربعة أذرع ونصف وذلك قامة وبسطة، والدليل عليه: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"احفروا وأوسعوا وعمقوا". وقال عمر رضي الله عنه "عمقوا قبري قامة وبسطة"، ولأنه إذا كان كذلك كان أقدر أن لا تناله السباع، وهو أبعد على من ينبشه، وأقطع لرائحته، وأي قدر أعمق ووارى جاز، ويستحب أن يوسع من قبل رجليه ورأسه، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للحافر:"أوسع من قبل رجليه وأوسع من قبل رأسه"، ثم قال في "الأم": فإن [٢٩٨ أ / ٣] كانت الأرض صلبة شديدة فالسنة اللحد وصورته: أنه إذا انتهى إلى أرض القبر حفر مما يلي قبلة القبر لحد وهو معروف وهو أن يكون الحفر على صفة يحصل الميت تحت قبلة القبر، قال: ثم نصب على اللحد اللبن نصباً، ويتبع