الأيسر: لأن الجانب الأيسر من الطيلسان تحت الذي بدأه من الجانب الأيمن، ومنهم من قال: يبدأ من الجانب الأيمن، وفي رواية المزني إضمار وهو أنه أراد: ثم يئني صنفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن تثنيه على الشق الأيسر أي الجانب الذي هو شقه الأيمن تثنيه على الشق الأيسر والجانب الذي على الشق الأيسر على الشق الأيمن. فحينئذ هو عين ما قاله في "الأم"، ثم يضع بكل لفافة مثل ذلك، ثم يجعل ما فضل عند رأسه ورجليه على ما ذكرنا، فمان خافوا انتشار الأكفان عقدوها عليه، ثم إذا أدخلوه القبر حلوها يعني العقد لئلا يكون معه في القبر شيء معقود فإنه يكره ذلك ولهذا يستحب أن لا يكون معه مخيط: ولأن العقد إنما كانت لخوف الانتشار والستر للميت وقد أمن ذلك عند [٢٩٦ ب / ٣] إدخاله القبر.
فرع
قال في "الأم": لو مات ميت في السفينة في البحر منع به ما ذكرنا، فإن قدروا على دفنه في الساحل لقربهم منه دفنوه، وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين ويربطوهما به فيحملاه إلى أن يلقيه البحر بالساحل فلعل المسلمين يجدونه فيواروه، وهو أحب إلي من طرحه في البحر للحيتان يأكلوه، فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم، وقال أيضاً: لم يأثموا إن شاء الله، وإنما قال ذلك لأنه إذا شده بين لوحين منعه ذلك من الانتفاخ وألقاه البحر بالساحل، قال المزني: إنما قال الشافعي هذا إذا كان الذين على سواحل البحر مسلمين، فأما إذا كانوا مشركين فإنه يثقل بشيء حتى ينزل إلى القرار لئلا يأخذه المشركون فيدفنوه إلى غير قبلة المسلمين. وقال بعض أصحابنا: لا بأس بما قاله المزني، وقال القاضي الطبري: هذا لا أعرفه للمزني وطلبته في "الجامع الكبير" فوجدت المسألة على ما ذكره الشافعي دون هذه الزيادة ولعله ذكرها في موضع أخر، ومن أصحابنا من قال: هذا هو قول عطاء وأحمد أنه يثقل ويطرح في البحر بكل حال إذا لم يمكنهم دفنه، وينتهي [١٩٧ أ / ٣] الموتى في هذا، لأن ما من بحر إلا وفي ساحل من سواحله مسلمون، وما قالوه غلط لما ذكرنا أنه ربما يلقيه البحر فيدفنوه إلى القلة.
فرع
قال الشافعي: ولا أرى أن يصبوا الذواق في أذنه وأنفه ومنخريه. وأراد به الزئبق، ولا أن يضعوا المرتك على مفاصله وذلك شيء يفعله الأعاجم ويريدون به إبقاء الميت، ولا أحب شيئاً من هذا، بل يمنع به ما يصنع بأهل الإسلام وهو الغسل والكفن والحنوط والدفن، فإنه صائر إلى الله تعالى والكرامة له برحمة الله وعمله الصالح.