إذا خرج قوم من المسلمين على الإمام العادل وقاتلوا، فإن كان المقتول [٣١٨ ب/٣] من أهل البغي غسل وصلي عليه وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يغسل ولا يصلى عليه عقوبة له، وهذا غلط لأنه مسلم قتل بحق فوجب أن يغسل ويصلى كالزاني والقاتل، وأما قولهم: إنه عقوبة فينبغي أن لا يدفن أيضاً ولا يكفن عقوبة له.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان المقتول من أهل العدل فالمشهور أنه يغسل ويصلى عليه قاله في "القديم"، و"الجايد" وبه قال مالك، وقال في كتاب أهل البغي: لا يغسل ولا يصلى عليه وعن أحمد روايتان.
وقال أبو حنيفة: لا يغسلون واحتج بأن علياً -رضي الله عنه- لم يغسل من قتل معه، وأوصى عمار بن ياسر أن لا يغسل. ووجه القول الأول أن أسماء بنت أبي بكر غسلت عبد الله بن الزبير ولم يذكر ذلك منكر، وأما ما روي عن علي قلنا: لم ينقل أنه صلى فكل جواب لهم عن الصلاة فهو جوابنا عن الغسل وحديث عمار روينا خلافه.
فَرْعٌ آخرُ
لو قاتل أهل القافلة قطاع الطريق، فإن كان المقتول من قطاع الطريق كان بمنزلة المقتول من أهل البغي، فإن قلنا: إنه يصلب أبداً [٣١٩ أ/٣] فعل به قبل الصلب وإن قلنا: يصلب ثلاثاً ثم ينزل فبعد الثلاث يغسل ويصلى عليه. وعند أبي حنيفة لا يغسل ولا يصلى عليه كما قال في الباغي، وإن كان المقتول في القافلة هل يكون بمنزلة الشهيد؟ وجهان بناء على القولين في المقتول من أهل العدل.
فَرْعٌ آخرُ
من قتل قصاصاً أو رجماً بالزنا غسل وصلي عليه، وقال الزهري: لا يصلى عليه، وقال مالك: لا يصلي الإمام ويصلي غيره، وهكذا عنده حكم كل من مات في حد، واحتج بأن ماعزاً لما رجمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليه، قال الزهري: ولم ينقل أنه أمر بالصلاة عليه، وهذا غلط لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم الغامدية وصلى عليها. فقال له عمر: ترجمها وتصلي عليها؟ فقال: لقد "تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم"، وروي أن علياً رضي الله عنه لما رجم شراحة الهمدانية جاء أهلها إليه، فقالوا: ما نصنع بها؟ فقال:"اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم"، وقال عبد الله بن مسعود أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن أصبح يوم صومك [٣١٩ ب/٣] رضياً مرضياً ولا تصبح يوم صومك عبوساً، وأجب دعوة من دعاك من المسلمين وصلي على من مات من أهل قبلتنا، وإن كان مصلوباً أو مرجوماً. ولأن تلقى بمثل قراب الأرض ذنوباً خير