وروي مثله عن [٣٤٠ أ/٣] الحسن بن علي وأنس رضي الله عنهما، وقال زيد بن ثابت: وقد رأى رجلًا فعل ذلك فقال: أصابه السنة، والسنة أن يقبض بيمينه على شماله، وقال ابن المبارك: لا يقبض بيمينه على شماله فيها. وهذا غلط لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كبر على جنازة زرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمنى على اليسرى". أورده أبو عيسى الترمذي - رحمه الله - وينوي الصلاة على الميت مع التكبير لا قبله ولا بعده، وهل يلزم نية الفرض؟ فيه وجهان كما قلنا في سائر الصلوات والأصح وجوبها، وذكر بعض أصحابنا أنه ينوي الفرض مطلقاً ولا ينوي الفرض على الكفاية، وبه أفتى، ولا يحتمل غيره لأنه إذا اختار أداءها كانت فرضاً في حقه، وإن كانت فرضاً على الكفاية في الجملة.
مسألة: قال: ثم يقرأ بفاتحة الكتاب.
وهذا كما قال. ظاهر ما قال هاهنا: إنه يبتدئ بعد التكبيرة بقراءة الفاتحة يبتديها ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا يأتي بالتعوذ ودعاء الاستفتاح، وبه قال أكثر أصحابنا؛ لأن مبنى هذه الصلاة على الحذف والاختصار، فلا يحتمل التطويل والإكثار. ومن أصحابنا من قال: يستحب كلاهما ذكره القفال وهو اختيار القاضي الطبري، لأن الذكر المستحب في غير [٣٤٠ ب/٣] صلاة الجنازة إذا وجد محله كالتأمين، ومن قال بالأول أجاب عن هذا، فإن التأمين لا يطول الصلاة بخلاف هذا. وحكى عن القاضي الطبري أنه قال: عندي لا يأتي بدعاء الاستفتاح، ولكنه يأتي بالتعوذ؛ لأن التعوذ هو من سنة القراءة كالتأمين بخلاف دعاء الاستفتاح فهو مالسورة لا يستحب، فإن أتى بهما جاز وهذا حسن عندي.
وقال صاحب "الحاوي": يتعوذ عندنا وفي دعاء الاستفتاح، وجهان، ولا يجوز الإخلال بالفاتحة لأنها ركن فيها، وقد قال الشافعي في "الأم": وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى وهكذا نقل المزني في "الجامع الكبير"، وهذا يدل على الاستحباب إلا أن أصحابنا أجمعوا على وجوبها بتأويل قوله: إنه يستحب أن يقرأ بعد التكبيرة الأولى فإن أخرها إلى التكبيرة الثانية جاز. فرجع الاستحباب إلى موضعها، وروي ذلم عن ابن الزبير وابن مسعود وابن عباس والحسن رضي الله عنهم، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي: لا تجب فيها القراءة ولا يسن فيها قراءة القرآن، وقال أبو حنيفة: لو قرأ القرآن كان دعاء، ويوريه عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما وقال مالك: يكره [٣٤١ أ/٣] فيها قراءة القرآن.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ فيها بفاتحة الكتاب وجهر بها وقال: