أن يكون مسبوقا به، وفيه قولان مشهوران، والصحيح أنه رجع عن البناء.
مسألة: قال: ومَنْ لَمْ يدركْ صلى على القبرِ.
وهذا كما قال: يستحب أن تكون الصلاة على الجنازة دفعة واحدة، فإن كررت الصلاى عليها جاز، نص عليه في اجتماع الجنائز وقال في "الأم": ولا بأس أن يصلي على القبر بعدما يدفن بل يستحب، روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعمر وأبي موسى الأشعري [٣٤٦ أ /٣] وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وابن سيرين، وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة: لا يصلي على القبر ولا يصلي على الجنازة مرتين. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: يصلي على القبر ولي الميت إذا كان غائبا وقت الدفن، قال محمد: إلى ثلاثة أيام، وقال أبو يوسف: إلى أيام وأطلق، واحتج بأنه لو جازت الصلاة على القبر لجازت على قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا غلط لما روينا من خبر المسكينة التي توفيت ليلًا، وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرها. وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة، وقد مات البراء بن معرور وقد وصلا له فقبل الوصية"، وصلى على قبر رجل كان يقم المسجد ودفن ليلًا". وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا وجد الميت قد دفن فليصل وحده وليقم عند رأس القبر"، فإن قيل: لأن صلاة الجنازة لم تكن تسقط فرضها إلا بصلاته ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصلي على ميت ما دمت بين أظهركم أحد غيري، فإن صلاتي عليه رحمة".
قلنا: لم [٣٤٦ ب/٣] تكن الصلاة على الجنازة متعينة عليه، وإنما كان يقصد الفضيلة بها، ولهذا أنه لم يصل على جنائز كثيرة، وقال في الرجل الميت المديون:"صلوا على صاحبكم"، وقال القوم في المسكينة: كرهنا أنو نوقظك. ولم يقل لهم: الصلاة عليها من دوني لا تجوز، وأما قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أكثر أصحابنا: لا خلاف على المذهب أنه لا يجوز والنبي - صلى الله عليه وسلم - مخصوص بذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا قبري مسجدا كما جعلت اليهود قبور أنبيائهم مساجد". وروي "وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم". ومن أصحابنا من قال: هذا مبني على الأقوال إلى متى تجوز الصلاة على القبر، ومن أصحابنا من قال: تجوز الصلاة عليه إلى شهر ذكره ابن أبي أحمد، ولعله أخذ ذلك من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي النجاشي وكان بينهما مسافة شهر، وهذا غلط لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر البراء بن معرور بعد شهر". ولم ينقل أكثر من ذلك. وروي، أنه صلى على أم سعد [٣٤٧ أ/٣] ابن عبادة بعدما دفنت بشهر. وروى أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر بعد شهرين. وروى ابن عباس بعد شهر، ومن أصحابنا من قال: يجوز حتى يعلم أنه بلي في قبره فلا يجوز جينئذ لأنه ذهبت حرمته، وهذا أصح عندي، ومن أصحابنا من قال: يجوز أبدًا؛ لأن القصد الدعاء حتى يجوز اليوم أن يصلي على قبر آدم عليه السلام وعلى قبر جميع