للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ومن أصحابنا من قال: هو الأظهر، واختيار الشيخ أبي زيد المروزي: يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم مات، فأما من ولد بعده أو كان صبيا فبلغ بعده فلا يصلي عليه؛ لأنه يكون متبوعا، ولا يجوز أن يتطوع لصلاة الجنازة وإذا كان يوم موته من أهل الفرض كان من جملة من يؤدي الفرض؛ لأن المؤدي الفرض على الكفاية وإن كثر ويوصف كلهم بأنهم يؤدون الفرض، وإن كان الفرض يسقط بدونهم.

ومن أصحابنا من لم يقيد بالفرض هاهنا، وقال في الصبي: إذا بلغ: تجوز الصلاة عليه ذكره أهل العراق، وهو اختيار القاضي الطبري، ومن أصحابنا من قال: تجوز إلى ثلاثة أيام ذكره والدي رحمه الله، وعندي أن هذا أخذه مما قال أبو حنيفة: إنه إن دفن [٣٤٧ ب/٣] قبل الصلاة عليه صلى على قبره إلى ثلاثة أيام فقط. فحصل من الحمالة ستى أوجه عند القائل فإن، قلنا بالأول: كانت تجوز الصلاة على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى شهر وقد مضى، وإن قلنا: بالثاني فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يبلى ولكنه قال: لا أترك في قبري. فلا تجوز الصلاة على قبره، وإن قلت بالثالث ففيه وجهان: أحدهما: لا تجوز الصلاة على قبره لما ذكرنا. والثاني: تجوز ولكن يصلون أفرادًا كما صلت الصحابة أفرادًا.

فرع

لو ترك الصلاة على الميت ودفن، فإنه لا ينبش بل يصلي على القبر، ولو دفن من غير غسيل أو لغير القبلة قال في "الأم": لا بأس عندي أن يحاط عنه التراب ويحول وجهه إلى القبلة، وأن يخرج فيغسل ويصلى عليه ما لم يتغير، قال أصحابنا: الغسل فرض فإذا ترط مبش وغسل، وقال أبو حنيفة: إذا أهيل عليه التراب لا ينبش؛ لأن النبش مثلة، وقد نهى عن المثلة وهذا غلط؛ لأن الميت إذا كان بحاله لا يكون النبش مثلة، وأما التوجيه إلى القبلة فهو سنة مؤكدة، فالأولى أن ينبش ويرد إلى السنة إلا أن يكون قد [٣٤٨ أ/٣] تغير فلا ينبش؛ لأن القصد الستر وقد حصل الستر بالتراب ونبشه هتك لستره. والثاني: ينبش لأن التكفين فرض كالغسل.

فَرْعٌ آخرُ

إذا وقع في القبر ش ئ له قيمة كان لصاحبه أن يكشفه عنه حتى يأخذ ما سقط فيه. وروي أن المغيرة بن شعبة طرح خاتمه في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: خاتمي ففتح موضعًا منه، وأخذ خاتمه وكان يقول: أنا أقربكم عهدا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه يمكن إيصال المال إلى صاحبه فوجب إيصاله إليه.

فَرْعٌ آخرُ

لو بلع جوهرة لغيره، ثم مات فإنه تشق بطنه وترد إلى صاحبها إلا أن تضمن ورثته مثلها أي قيمتها فلا يخرج، ذكره أصحابنا من غير خلاف، والمثل يكون للدنانير ونحوها وينطلق عليها اسم الجوهر، ولو بلع جوهرة لنفسه ومات هل تخرج منه

<<  <  ج: ص:  >  >>