للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهان: أحدهما: للورثة إخراجها لأنها صارت ملكهم بموته. والثاني: ليس لهم ذلك، لأنها ماله استهلكه في حياته فهو كما لو اشترى به الشهوات وأكلها، وهذا هو اختيار القاضي الطبري، وقال القاضي الطبري: الأول بمذهب الشافعي أن لا يشق جوفه في المسألة قبلها [٣٤٨ ب/٣] ويضمن له قيمتها من تركته، كما في الخيط إذا خاط به الغاصب وأخرجه لا ينزع، وعلى هذا قلت: إذا بلى الميت في القبر ونفقت الجوهرة فيما بين التراب ترد إلى صاحبها وتسترجع القيمة، ومن قال بالأول أجاب وقال: ليس هي كالخيط، لأنه يجوز له ابتداء غصبه بحال ليخبط خرجه لقلة خطره وعظم حرمة الآدمي، ولا يجوز ابتلاع جوهرة الغير بجال وهي الآن ملك الغير مقدور على ردها من غير إيلام حيوان فيلزم الرد عند الإمكان.

فَرْعٌ آخرُ

لو ماتت امرأة وفي بطنها جنين متحرك، قال ابن سريج: يشق بطنها ويخرج الجنين، لأن مراعاة الحي أولى، لهذا يجوز للحي أن يأكل الآدمي الميت عند الضرورة، ومن أصحابنا من قال: هذا إذا قالت القوابل الثقات: أن مثله يعيش متى أخرجنا فيخرج، وإن كان لا يعيش مثله تركناه فمن أصحابنا من قال فيه وجهان: أحدهما: يشق وبه قال أبو حنيفة، والثاني: لا يشق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كسر عظام الميت ككسر عظام الحي". وهذت الولد لا يعيش في العادة. ومن أصحابنا من قال: وهو الصحيح مراد ابن سريج [٣٤٩ أ/٣] مراد هذا القائل أيضًا والذي له ستة أشهر، فإنه لا يخرج بحال. وذكر شيخنا الإمام ناصر رحمه الله وجهًا في رؤوس المسائل أنه لا يشق أصلًا؛ لأنه لا يتحقق وفيه هتك حرمتها وهو بعيد لم يذكره غيره. وحكي عن أحمد أنه قال: تصطلمه القوابل، فإن خرج وإلا ترك حتى يموت ثم يدفن، وهذا غلط، لأن هذا شبه القتل فلا يجوز ذلك بحال، فإذا قلنا: يشق فينبغي أن يشق إذا وضعت في اللحد فإنه أستر لها ذكره أصحابنا. وعندي أنه يشق قبله لأنه ربما يموت بضيق النفس. وحكي أن محمد بن عجلان ولدته أمه في القبر فجاء نباش فوجده فأخرجه. وقيل: إذا قلنا: لا يشق تمسح القابلة بطنها فربما يخرج، فإن لم يخرج صبر حتى يسكن.

مسألة: قال: "ولا يُدخِلُ الميتَ قبرَهُ إلًّا الرجال ما كانوا موجودين".

الفصل

وهذا هو كما قال. وجملته أن ينوي دفن الميت وإدخاله القبر إلا الرجال ما كانوا موجودين، سواء كان الميت رجلًا أو امرأة، لأن هذا فعل يحتاج إلى البطش والقوة، والرجال أقوى على ذلك في نقله ووضعه في اللحد، ولأن المرأة عورة ولا [٣٤٩ ب/٣] يمكنها ذلك إلا بكشفها وجهها وذراعيها. فإذا تقرر هذا، فإن كان الميت رجلًا وله عصبات تساووا في الفقه فإن يتولى ذلك الأقرب فالأقرب على ما بينا في الصلاة عليه، فإنه لم يكن له عصبة فالأجانب، وإن كان أحدهم أفقه قدم الأفقه، لأن الوضع في اللحد وتناول الميت

<<  <  ج: ص:  >  >>